هل يؤدي الحوار الى دعوةعصبيةوتفرقة ممقوتة ؟؟
بسم الله ألرحمن ألرحيم
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125
هل يؤدي ألحوار ألى دعوة عصبية وتفرقة ممقوتة؟
أما أن تكون دعوتنا في ألحوارات ألإسلامية باعث عداوة وتفرقة طائفية، فقد يكون ذلك معقولاً، لو أن طبيعة الإسلام طبيعة عدوان، أو أن تعاليمه تثبت الكره لمخالفيه، وتحمل على عداوتهم0
او ان ألبَذَرة ألتيَ وضعها النبي صلى ألله علية وآله وسلم أنبتت سنابل اللعن وألبغض ، وسنابل الاعتقاد بأن أمة العرب أمة منافقة ، وأن وفاق الأمة ضلال، وأن الرشاد في خلافها0
لكن صاحب ألشريعة ألإسلامية لم يغرس إلا بذرة ألإسلام ولم يضع إلا أساس ألدين ألحنيف،لأن الإسلام دين حب وإخاء، يفرض في الناس جميعاً أخوة الإنسانية، فلا تمايز لأحد على أحد إلا العمل الصالح، والخدمة للمجتمع، وهو يوجب الإيمان بجميع تفاصيله حسبما وردت في كتاب ألله ألعزيز، لا أعتقد أن في الدنيا أسمى منه غاية وأكرم عدالة، أو أوسع صدراً، وذلك هو قوله تعالى:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الحجرات10
الدين الذي يضع مثل هذا المبدأ، والدين الذي يقول:
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
والدين الذي يقول:
( الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله)
هذا الدين ليس من طبيعته البغي ولا التفرقة ولا نشر العداوة والبغضاء، فإذا رأيتم في المنتسبين إليه من بغي واعتدى فذلك أثر الانحراف عن تعاليمه، والابتعاد عن منهاجه ألقويم0
يقول ألبعض: هذا حق، ولكن ألغير يوجسون شراً من هذه ألحوارات ويسوؤهم أن يلمسوا ألحقيقة من دينهم وهدي نبيهم!..
ونحن نقول: ما ذنبنا في خوف لا مبرر له، وفي القلق من حوارات واضحة لا لبس ولا إبهام فيها؟..
إن حواراتنا محصورة في وسط أمة مسلمة لا تعدوها إلى سواها، نبغي إنهاضها على أساس عقيدتها القوية الصافية الخالية من البدع والخرافات، البعيدة عن روح الفوضى والمخاصمات.
إذا عملنا بهذا التشريع الخالد ، فانتفع به أبناء هذه الأمة على اختلاف مللهم، فهل فيه شيء من الضرر ؟.، وهو تشريع نما وترعرع في جو العروبة ؟
أوليس الأخذ به، وهو تراث خالد من تراث الأمة العربية، ومظهر من مظاهر عبقرية علمائها ومجتهديها، أخذاً بأقوى آصرة تجمع شتات ألمسلمين اليوم، على هوى واحد، وهدف واحد؟.
ليس التعصب ، أن ندعو إلى مبدأ نعتقد فيه القوة والخير والكرامة لنا بنبذ كل مايشوه ألعقيدة ويصحح بعض ألمفاهيم ألتي لاتمت لإصل ألاسلام، ، وهو لا يسيء إلى أحد ولا يلحق بالمخالفين ضرراً، ولا ينتقص لهم حقاً...
{فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }الأعراف30
ولكن التعصب هو الطعن ونشر كل مايسيء لأمة ألعرب وألإسلام بغير وجه حق، وهو يجمع قلوب أصحاب النحل والأهواء والمذاهب المتطرفة؛ لأنهم يجدون من خلاله الجو المناسب لتحقيق أهدافهم ، بالطعن ونشر كل مايسيء لأمة ألإسلام0
ليس من المهم أن نتفق في كل شئ لأن الاختلاف من سنن الله التي قدرها في هذه الحياة الدنيا فلا يزال الحق والباطل في صراع إلى يوم القيامة ولولا وجود الباطل لما عرف الناس قيمة الحق ، لذلك يجب ألا نتوهم بأننا سنصل إلى اتفاق عام ، فهذا خلاف سنن الله في هذه الحياة . لكن في الوقت نفسه نحن مطالبون من الله عز وجل بدعوة المخطئ إلى الصواب . فالله الذي قدر الاختلاف هو الذي أوجب علينا العمل لتقليصه بالحق وإلى الحق ، فالنصح للغير وتصحيح الذات عنوان كل مسلم مخلص ومطلب كل عارف بمهمته في هذه الحياة .
أما المكابرة والاختلاف ! ! ليس بمقدور احد منا القضاء نهائيا على كل اختلاف لكن بمقدورنا محاربة التلوث الذي أصاب العلم والحق ، محاربة الجهل ببيان العلم ، بمحاربة المكابرة ، محاربة تضليل الناس عن الحقيقة .
لربما يتيقن مخطئ من خطئه لكنه يستمرئ المواصلة فيه لمصلحة من المصالح على حساب الحقيقة وألقاريء فهذا مكابر وصلنا معه لطريق مسدود ، ! ! هناك قضايا واضحة لا تخضع للتزوير وألتلاعب بالألفاظ ، فإذا بين له إن هذا خطأ ثم أصر على خطئه يكون مكابرا لا يبغي ألحقيقة . والضحية هو القارئ والحقائق .
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً }الإسراء53
في أحايين كثيرة لا يشعر المكابر بمكابرته أو لا يحب أن يشعر نفسه ولا الآخرين بذلك ، يأتيه الشيطان وينفخ فيه قائلا ( أنت الآن تقاوم أهل الضلال فلا تظهر بمظهر الضعف ، لا تعترف بالأخطاء لأن الناس سيفسرون هذا بأن الآخر مصيب في كل شئ وأنت مخطئ استمر فيما أنت عليه. . ) ! ! !
فيظن المكابر المسكين إن هذه الأقوال نابعة من إحساس مرهف سليم والواقع أنها من شيطان رجيم ! !
وإصرار المخطئ على خطئه ، لا يصارح نفسه ولا ينقد ذاته بل يستسلم " للشيطان " ! ! ويصغي له ويحس بحلاوة تفوق مرارة الاعتراف بالخطأ والرجوع إلى الصواب واتباع ما يقوله خصمه ، فالخصومة تذكي " وساوس" الشيطان0
إذن فنحن بحاجة إلى فهم نفوسنا وفهم الآخرين والعدل في الحكم والإنصاف في الطرح ، بحاجة إلى روح وعقلية متفتحة مفاتحها بيدنا وليس بيد غيرنا00
{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }الأنعام70
أسباب الاختلاف والعلاج المطلوب 0
1 - الجهل : فهذا أول أسباب الاختلاف وأهمها على الإطلاق فمن جهل الحقيقة خالفها ، وعلاج هذا الجهل بالعلم0 وقد يكون هناك جاهل مركب لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم وهذه كارثة خاصة إذا كان هذا الجاهل ينشر كل ما وافق هواه . وأحيانا يكون الجهل مغلفا بغلاف العلم فتجد الألفاظ ألعلمية في كلام هذا الجاهل لكنه يوردها في غير موقعها مع سطحية في التناول والبحث وكل منا لا بد أن يكون فيه بعض الجهل قل أو كثر حتى في مجال تخصصه الدقيق . لذا نرى أن من أهم أسباب الاتفاق هو العلم المضاد للجهل فمتى علم المختلفان الحقائق اتفقا في الأغلب0
2 - الهوى والتعصب : قد يعرف المختلفان أو أحدهما الحقائق لكنهما لا يتفقان لأن أحدهما يتنكر لهذه الحقائق بسبب الهوى الذي دفعه للتعصب للباطل فالهوى أصل والتعصب نتيجة جمعت بينهما لتلازمهما القوي . فعلاج الهوى يكون بتصحيح النية ، والاستعاذة من الشيطان ، وحب خدمة الحقيقة ، ونشدان ذلك ، وعلاج التعصب يكون بإجبار النفس على اتباع الدليل ، والحجة والبرهان ، وترويض النفس على مقاومة الوساوس والهوى ومداخل الشيطان . وليتذكر المتعصب بأن تعصبه سيسئ إليه قبل إساءته للحقيقة فكل أمر سينكشف اليوم أو غدا فلماذا يتعب نفسه ويكسب إثما في أمر هو خاسر فيه لا محالة . وماذا سينفعه مشجعوه إذا سئل عن إظهار ونشر ما لا يعتقد صحته بل يعتقد خلاف ذلك ، فلا بد أن يحاسب نفسه0
هذه الأسباب هي أبرز أسباب الاختلاف على الإطلاق فمتى ذهب الجهل والهوى جاء الاتفاق ومتى وجد أحدهما طرد الاتفاق .
إذا واصل المتعصب في تعصبه وكابر ولم يقبل الحقائق الظاهرة فهل تبقى ضحاياه - الحقائق والقراء - عرضة لأباطيله ! ! أم أن من ألواجب حماية الحقيقة وحماية القراء وذلك بالرد وكشف الأخطاء وبيان الصواب حتى ينتفع الآخرون بذلك .
يجب أن نتحلى بروح إيجابية وألقبول وألإذعان للحقائق حتى يعرفها ألقراء ، لأنه لا عداوة بين الأشخاص إنما العدواة بين الحقائق والمعلومات ، ومن الخطأ أن يفسر الناس كل اختلاف بأنه عداوة بين اثنين هذا من كبر الأخطاء . . عندما نختلف لا يعني هذا تنافر القلوب ، صحيح أن الأساليب قد يظهر منها خشونة أو قسوة أو تلميح لكن طبيعة الأفكار لا بد أن تتصارع والبقاء للأصح0
فمهما بدت لنا ألحوارات والأفكار جذابة قوية، فان شرط قبولها لدينا نحن المسلمين أن لا تصطدم مع كتاب الله أو سنة رسوله ?.
فان كان في مسألة معينة رأي وللقران قول فان من شروط إيمان المرء أن لا يقدم بين يدي الله ورسوله. فالقول ما قال الله ورسوله والحكم حكمهما.
أفليس إذا من مصلحتنا أن نكون معا أقوياء أعزاء بدلاً من أن نضل مستذلين ضعفاء أمام قوى ألشر والظلام ؟ وأليس من مصلحة هذه الأمة أن تسير بنهج الإسلام الصحيح سيراً طبيعياً لا يعترضه أحد ولا تتبرم به طائفة؟.
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يوسف108
منقول للامانةو للفائدة