بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( عمل قليل و أجره عظيم ))
الشيخ ماهر المعيقلي
إنّ المتأمّل في فروع العبادات يلحظ كيف أن تكرّرها في اليوم واللّيلة يكون جزاء المكلَّف القائم بها تكفير الخطايا وفتح أبواب الجنان، فجعل ربّنا الطُّهور شطر الإيمان، والسّواك مرضاة للرّحمان، ومَن توضّأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتّى تخرج من تحت أظفاره، ومن فرغ من الوضوء فقال: “أشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأنّ محمّدًا عبد اللّه ورسوله فتحت له أبواب الجنّة الثمانية يدخل من أيّها شاء”، و«مَن توضّأ فأحسن الوُضوء، ثمّ صلّى ركعتين يُقبِلُ عليهما بقلبه ووجهه وجبت له الجنّة”، وجعل الشّارع خُطُوات الماشي إلى الصّلاة إحداهما تحُطُّ خطيئة، والأخرى ترفع درجة، والمنادي بالأذان يُغفَرُ له مدُّ صوته، ويشهد له كلّ رطب ويابس، ومن سمع المؤذّن وقال مثل قوله كان له كأجره، وإذا قال المؤذّن: أشهد أنّ محمّدًا رسول اللّه، فقال من سمعه: وأنا أشهد، رضيتُ باللّه ربًّا، وبمحمّد رسولًا، وبالإسلام دينًا غفر له ذنبه.
ولفضل الصّلاة وعُلُوِّ منزلتها فإنّ ثواب الأعمال فيها عظيم، فمن غدَا إلى المسجد أو راح أعدّ اللّه له في الجنّة نُزُلاً كلّما غدَا أو راح، ومن حافظ على صلاة العصر ضوعف له أجره مرّتين، قال عليه الصّلاة والسّلام: “إنّ هذه الصّلاة عُرضت على من كان قبلكم فضيّعوها، فمَن حافظ عليها كان له أجره مرّتين”، ومَن صلّى العشاء في جماعة فكأنّما قام نصف اللّيل، ومَن صلّى الصّبح في جماعة فكأنّما صلّى اللّيل كلّه، وركعتان قبل الفجر خيرٌ من الدّنيا وما فيها، ومَن صلّى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بنى اللّه له بيتًا في الجنّة، وشرع سبحانه أذكارًا في الصّلاة أجورها مضاعفة، ففي الصّحيح أنّ رجلًا صلّى خلف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا رفع رأسه من الرّكوع قال: ربّنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركّا فيه، فقال عليه الصّلاة والسّلام: “رأيت بِضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيّهم يكتبها أوّلًا”، ومن قال حين ينصرف من المغرب: “اللّهمّ أجِرني من النّار سبع مرّات، نجاه اللّه منها إن مات من ليلته، وإن قالها بعد الصّبح ومات من يومه نجّاه اللّه منها”.
وفي مجال تعامل المسلمين بعضهم مع بعض، فإنّ الإسلام عظّم أواصر الأخوّة والمودّة بين المسلمين، ورتّب الأجور الوفيرة لمَن قواها، فما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلّا غفر لهما، والكلمة الطيّبة صدقة، ومَن شهد جنازة حتّى يصلّى عليها فله قيراط، والقيراط مثل جبل أُحُد، ومن شهدها حتّى تُدفن فله قيراطان، ومن أحسن إلى المسلمين ونصر دين ربّه نجا وارتقى، فمَن بنى للّه مسجدًا ولو كمفحص قطاة بنى اللّه له بيتًا في الجنّة، ومن كفل يتيمًا كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الجنّة، ففي الصّحيح: “السّاعي على الأرملة والمسكين كالقائم الّذي لا يفتُر، وكالصّائم الّذي لا يُفطر”، والمتصدّق تعظُمُ صدقته عند اللّه، فالتمرة يأخذها سبحانه ويربيها حتّى تكون مثل الجبل، ومَن أخفى صدقته أظلّه اللّه تحت ظلّ عرشه، وإصلاح ذات البين أفضل من درجة الصّيام والصّلاة والصّدقة.
وتكرَّم الباري سبحانه على عباده باصطفاء كلمات معدودات من الأذكار جعل ثوابها عظيمًا، فالحمد للّه تملأ الميزان، وسبحان اللّه وبحمده، سبحان اللّه العظيم، خفيفتان على اللّسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرّحمن، ومَن قال: سبحان اللّه وبحمده في يوم مائة مرّة حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، ومَن قال حين يصبح: “اللّهمّ ما أصبح بي من نعمة فمِنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشُّكر، فقد أدّى شُكر يومه، ومَن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدّى شكر ليلته”، وبسط سبحانه نفحاته في مجالس النّاس بعد لغطهم فيها لتكون صحائفهم بيضاء نقيّة، فقد ورد في السنن أنّ مَن جلس في مجلس كثُر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللّهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت، أستغفرُك وأتوب إليك إلّا غُفِر له ما كان في مجلسه ذلك، وهكذا أعمال أخرى لا تحصى ظاهرها أنّها قليلة، ولكن أجرها عظيم جليل عند الكريم جلّ شأنه. واللّه وليّ التّوفيق .