| ملف كامل لفتاوى الحج | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:04 pm | |
|
ملف كامل لفتاوى الحج (وقفة عرفة ،الاضحية، رمي الجمار،عيد الأضحى...) (موضوع متجدد) . °°((هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم))°° لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - -الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. -أيها المسلمون من حجاج بيت الله الحرام: أسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يرضيه والعافية من مضلات الفتن، كما أسأله سبحانه أن يوفقكم جميعاً لأداء مناسككم على الوجه الذي يرضيه، وان يتقبل منكم وأن يردكم إلى بلادكم سالمين موفقين، إنه خير مسئول. -أيها المسلمون من الحجاج وغيرهم: إن وصيتي لكم هي تقوى الله سبحانه في جميع الأحوال والاستقامة على دينه والحذر من أسباب غضبه، وإن أهم الفرائض وأعظم الواجبات هو توحيد الله والإخلاص له في جميع العبادات، مع العناية باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأعمال، وأن تؤدى مناسك الحج وسائر العبادات على الوجه الذي شرعه الله لعباده على لسان رسوله وخليله وصفوته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. وإن أعظم المنكرات وأخطر الجرائم هو الشرك بالله سبحانه، وهو صرف العبادة أو بعضها لغيره سبحانه؛ لقول الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}[1]، وقوله سبحانه يخاطب نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [2]. -حجاج بيت الله الحرام: إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع، وذلك في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، وقد علَّم الناس فيها مناسكهم بقوله وفعله، وقال لهم صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عني مناسككم))[3]. -فالواجب على المسلمين جميعاً أن يتأسوا به في ذلك، وأن يؤدوا مناسكهم على الوجه الذي شرعه لهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد، وقد بعثه الله رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين، فأمر عباده بأن يطيعوه، وبين أن اتباعه هو سبب دخول الجنة والنجاة من النار، وأنه الدليل على صدق حب العبد لربه وعلى حب الله للعبد، كما قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[4]، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[5]، وقال عز وجل: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}[6]، وقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[7]، وقال سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}[8]، وقال عز وجل: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[9]، وقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[10]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، فوصيتي لكم جميعاً ولنفسي تقوى الله في جميع الأحوال والصدق في متابعة نبيه صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله لتفوزوا بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة. -حجاج بيت الله الحرام: إن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الثامن من ذي الحجة توجه من مكة إلى منى ملبياً وأمر أصحابه رضي الله عنهم أن يهلوا بالحج من منازلهم ويتوجهوا إلى منى، ولم يأمرهم بطواف الوداع، فدل ذلك على أن السنة لمن أراد الحج من أهل مكة وغيرهم من المقيمين فيها ومن المحلين من عمرتهم وغيرهم من الحجاج أن يتوجهوا إلى منى في اليوم الثامن ملبين بالحج، وليس عليهم أن يذهبوا إلى المسجد الحرام للطواف بالكعبة طواف الوداع. ويستحب للمسلم عند إحرامه بالحج أن يفعل ما يفعله في الميقات عند الإحرام: من الغسل والطيب والتنظيف، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بذلك لما أرادت الإحرام بالحج وكانت قد أحرمت بالعمرة فأصابها الحيض عند دخول مكة وتعذر عليها الطواف قبل خروجها إلى منى، فأمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتهل بالحج ففعلت ذلك فصارت قارنة بين الحج والعمرة. وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في منى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً من دون جمع، وهذا هو السنة تأسياً به صلى الله عليه وسلم، ويسن للحجاج في هذه الرحلة أن يشتغلوا بالتلبية وبذكر الله عز وجل وقراءة القرآن وغير ذلك من وجوه الخير، كالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى الفقراء. -فلما طلعت الشمس يوم عرفة توجه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى عرفات منهم من يلبي ومنهم من يكبر، فلما وصل عرفات نزل بقبة من شعر ضربت له في نمرة واستظل بها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على جواز استظلال المحرم بالخيام والشجر ونحوها. -فلما زالت الشمس ركب دابته عليه الصلاة والسلام وخطب الناس وذكرهم وعلمهم مناسك حجهم وحذرهم من الربا وأعمال الجاهلية، وأخبرهم أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام، وأمرهم بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأخبرهم أنهم لن يضلوا ما داموا معتصمين بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالواجب على جميع المسلمين من الحجاج وغيرهم أن يلتزموا بهذه الوصية وأن يستقيموا عليها أينما كانوا، ويجب على حكام المسلمين جميعاً أن يعتصموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يحكموهما في جميع شئونهم وأن يلزموا شعوبهم بالتحاكم إليهما، وذلك هو طريق العزة والكرامة والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وفق الله الجميع لذلك. -ثم إنه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الظهر والعصر قصراً وجمعاً جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين، ثم توجه إلى الموقف واستقبل القبلة ووقف على دابته يذكر الله ويدعوه، ويرفع يديه بالدعاء حتى غابت الشمس، وكان مفطراً ذلك اليوم، فعلم بذلك أن المشروع للحجاج أن يفعلوا كفعله صلى الله عليه وسلم في عرفات، وأن يشتغلوا بذكر الله والدعاء والتلبية إلى غروب الشمس، وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء، وأن يكونوا مفطرين لا صائمين، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة))[11]، وإنه سبحانه ليدنو فيباهي بهم ملائكته، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أن الله يقول يوم عرفة لملائكته: ((انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً يرجون رحمتي، أشهدكم أني قد غفرت لهم))[12]. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف))[13]. -ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الغروب توجه ملبياً إلى مزدلفة وصلى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين ثم بات بها وصلى بها الفجر مع سنتها بأذان وإقامة، ثم أتى المشعر الحرام فذكر الله عنده وكبره وهلله ودعا ورفع يديه وقال: ((وقفت ها هنا وجمع كلها موقف))[14]، فدل ذلك على أن جميع مزدلفة موقف للحجاج يبيت كل حاج في مكانه ويذكر الله ويستغفره في مكانه، ولا حاجة إلى أن يتوجه إلى موقف النبي صلى الله عليه وسلم. -وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة للضعفة أن ينصرفوا إلى منى بليل، فدل ذلك على أنه لا حرج على الضعفة من النساء والمرضى والشيوخ ومن تبعهم في التوجه من مزدلفة إلى منى في النصف الأخير من الليل عملاً بالرخصة وحذراً من مشقة الزحمة. -ويجوز لهم أن يرموا الجمرة ليلا، كما ثبت ذلك عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم في آخر الليل. -ذكرت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للنساء بذلك، ثم إنه صلى الله عليه وسلم بعد ما أسفر جداً دفع إلى منى ملبياً قبل أن تطلع الشمس، فقصد جمرة العقبة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم نحر هديه ثم حلق ثم طيبته عائشة رضي الله عنها ثم توجه إلى البيت فطاف به. -وسئل صلى الله عليه وسلم في يوم النحر عمن ذبح قبل أن يرمي، ومن حلق قبل أن يذبح، ومن أفاض إلى البيت قبل أن يرمي، فقال: "لا حرج" قال الراوي: فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج))[15]. -وسأله رجل فقال: يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف، فقال: ((لا حرج))[16]، فعلم بهذا أن السنة للحجاج أن يبدأوا برمي الجمرة يوم العيد ثم ينحروا إذا كان عليهم هدي ثم يحلقوا أو يقصروا. -والحلق أفضل من التقصير فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات للمحلقين، ومرة واحدة للمقصرين. -وبذلك حصل للحاج التحلل الأول فيلبس المخيط، ويتطيب ويباح له كل شيء حُرم عليه بالإحرام إلا النساء، ثم يذهب إلى البيت فيطوف به في يوم العيد أو بعده، ويسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً، وبذلك يحل له كل شيء حرُم عليه بالإحرام حتى النساء. أما إن كان الحاج مفرداً أو قارناً فإنه يكفيه السعي الأول الذي أتى به مع طواف القدوم. -فإن لم يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يسعى مع طواف الإفاضة. -ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى منى فأقام بها بقية يوم العيد واليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، يرمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال، يرمي كل جمرة بسبع حصيات، ويكبر مع كل حصاة ويدعو ويرفع يديه بعد الفراغ من الجمرة الأولى والثانية مستقبلاً القبلة ويجعل الأولى عن يساره حين الدعاء، والثانية عن يمينه ولا يقف عند الثالثة. -ثم دفع صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر بعد رمي الجمرات بعد الزوال فنزل بالأبطح وصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء. -ثم نزل إلى مكة في آخر الليل وصلى الفجر بالناس عليه الصلاة والسلام، وطاف للوداع ثم توجه بعد الصلاة إلى المدينة في صبيحة اليوم الرابع عشر، عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم. - فعلم من ذلك أن السنة للحاج أن يفعل كفعله صلى الله عليه وسلم في أيام منى، فيرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في كل يوم: كل واحدة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة، ويشرع له أن يقف بعد رميه الأولى ويستقبل القبلة ويدعو ويرفع يديه ويجعلها عن يساره ويقف بعد رمي الثانية كذلك ويجعلها عن يمينه يستقبل القبلة ويدعو، وهذا مستحب وليس بواجب، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا يقف بعد رمي الثالثة. - فإن لم يتيسر له الرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس رمى في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل في أصح قولي العلماء رحمة من الله سبحانه بعباده وتوسعة عليهم. -ومن شاء أن يتعجل في اليوم الثاني عشر بعد رمي الجمار بعد الزوال فلا بأس، ومن أحب أن يتأخر حتى يرمي الجمار في اليوم الثالث عشر فهو أفضل؛ لكونه موافقاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. - والسنة للحاج أن يبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر، وهذا المبيت واجب عند كثير من أهل العلم ويكفي أكثر الليل إذا تيسر ذلك، ومن كان له عذر شرعي كالسقاة والرعاة ونحوهم فلا مبيت عليه. -أما ليلة الثالث عشر فلا يجب على الحجاج أن يبيتوها بمنى إذا تعجلوا ونفروا من منى قبل الغروب، أما من أدركه المبيت بمنى فإنه يبيت ليلة الثالث عشر ويرمي الجمار بعد الزوال يوم الثالث عشر ثم ينفر، وليس على أحد رمي بعد الثالث عشر ولو أقام بمنى. -ومتى أراد الحاج السفر إلى بلاده وجب عليه أن يطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط؛ لقول النبي صلى الله عليه: ((لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت))[17]، إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض)[18] والنفساء مثلها، ومن أخر طواف الإفاضة فطافه عند السفر أجزأه عن الوداع؛ لعموم الحديثين المذكورين. -وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يتقبل منا ومنكم ويجعلنا وإياكم من العتقاء من النار إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [1] سورة النساء، الآية 116 [2] سورة الزمر، الآية 65 [3] رواه بنحوه مسلم في (الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً برقم 1297 [4] سورة الحشر، الآية 7 [5] سورة النور، الآية 56 [6] سورة النساء، الآية 80 [7] سورة الأحزاب، الآية 21 [8] سورة النساء، الآيتان 13، 14 [9] سورة الأعراف، الآية 158 [10] سورة آل عمران، الآية 31 [11] رواه مسلم في (الحج) باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم 1348 [12] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) مسند عبد الله بن عمرو بن العاص برقم 7049 [13] رواه مسلم في (الحج) باب ما جاء في أن عرفة كلها موقف برقم 1218 [14] رواه مسلم في (الحج) باب ما جاء في أن عرفة كلها موقف برقم 1218 [15] رواه البخاري في (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها رقم 83، ومسلم في (الحج) باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي برقم 1306 [16] رواه أبو داود في (المناسك) باب فيمن قدم شيئاً قبل شيء في حجه برقم 2015 [17] رواه مسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327 [18] رواه البخاري في (الحج) باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328 الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله - منقوووول للفائدة
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:08 pm | |
| °°((بيت تهوي إليه الأفئدة))°° للإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- -قال الإمام ابن قيم الجوزية – رحمة الله تعالى عليه – : [ ” اختار ” سبحانه وتعالى من الأماكن والبلاد خيرها وأشرفها، وهي البلد الحرام، فإنه سبحانه وتعالى اختاره لنبيه صلى الله عليه وسلم، وجعله مناسك لعباده، وأوجب عليهم الإتيان إليه من القُرْب والبُعْد من كل فجّ عميق، فلا يدخلونه إلا متواضعين متخشعين متذللين كاشفي رؤوسهم متجردين عن لباس أهل الدنيا، وجَعَلَه حَرَماً آمنا لا يُسفك فيه دم، ولا تُعَضَدُ به شجرة، ولا يُنَفَّر له صيد، ولا يُختلى خلاه (1) ، ولا تُلتقط لُقَطَتُه للتمليك بل للتعريف ليس إلا، وجعل قصده مكفرا لما سلف من الذنوب، ماحيا للأوزار، حاطا للخطايا، كما في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» ، ولم يرض لقاصده من الثواب دون الجنة، ففي السنن من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة» (2) . -وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» . -فلو لم يكن البلد الأمين خير بلاده، وأحبها إليه، ومختاره من البلاد؛ لما جعل عرصاتها مناسك لعباده فَرَضَ عليهم قصدها، وجعل ذلك من آكد فروض الإسلام، وأقسم به في كتابه العزيز في موضعين منه فقال تعالى: {وهذا البلد الأمين} [التين: 3] ، وقال تعالى: {لا أقسم بهذا البلد } [البلد: 1] ، وليس على وجه الأرض بقعة يجب على كل قادر السعي إليها والطواف بالبيت الذي فيها غيرها، وليس على وجه الأرض موضع يشرع تقبيله واستلامه، وتحط الخطايا والأوزار فيه غير الحجر الأسود، والركن اليماني. -وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، ففي سنن النسائي و المسند بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة» ورواه ابن حبان في صحيحه وهذا صريح في أن المسجد الحرام أفضل بقاع الأرض على الإطلاق، ولذلك كان شد الرحال إليه فرضا، ولغيره مما يستحب ولا يجب، وفي المسند والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عدي بن الحمراء، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بالحَزْوَرَة (3) من مكة يقول: «والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» (4) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. -بل ومن خصائصها كونها قبلة لأهل الأرض كلهم، فليس على وجه الأرض قبلة غيرها. ومن خواصها أيضا أنه يحرم استقبالها واستدبارها عند قضاء الحاجة دون سائر بقاع الأرض. وأصح المذاهب في هذه المسألة: أنه لا فرق في ذلك بين الفضاء والبنيان لبضعة عشر دليلا قد ذكرت في غير هذا الموضع، وليس مع المفرق ما يقاومها البتة مع تناقضهم في مقدار الفضاء والبنيان، وليس هذا موضع استيفاء الحجاج من الطرفين. ومن خواصها أيضا أن المسجد الحرام أول مسجد وضع في الأرض، كما في الصحيحين عن أبي ذر قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض؟ فقال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال أربعون عاما» وقد أشكل هذا الحديث على من لم يعرف المراد به فقال: معلوم أن سليمان بن داود هو الذي بنى المسجد الأقصى، وبينه وبين إبراهيم أكثر من ألف عام، وهذا من جهل هذا القائل، فإن سليمان إنما كان له من المسجد الأقصى تجديده لا تأسيسه، والذي أسسه هو يعقوب بن إسحاق صلى الله عليهما وآلهما وسلم بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا المقدار. ومما يدل على تفضيلها أن الله تعالى أخبر أنها أمُّ القرى، فالقرى كلها تبع لها وفرع عليها، وهي أصل القرى، فيجب ألا يكون لها في القرى عديل، فهي كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الفاتحة أنها أم القرآن، ولهذا لم يكن لها في الكتب الإلهية عديل. ومن خصائصها أنها لا يجوز دخولها لغير أصحاب الحوائج المتكررة إلا بإحرام، وهذه خاصية لا يشاركها فيها شيء من البلاد، وهذه المسألة تلقاها الناس عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقد روي عن ابن عباس بإسناد لا يحتج به مرفوعا «لا يدخل أحد مكة إلا بإحرام، من أهلها ومن غير أهلها» ذكره أبو أحمد بن عدي، ولكن الحجاج بن أرطاة في الطريق، وآخر قبله من الضعفاء. -وللفقهاء في المسألة ثلاثة أقوال: النفي، والإثبات، والفرق بين من هو داخل المواقيت ومن هو قبلها، فمن قبلها لا يجاوزها إلا بإحرام، ومن هو داخلها فحكمه حكم أهل مكة، وهو قول أبي حنيفة، والقولان الأولان للشافعي وأحمد. -ومن خواصه أنه يعاقب فيه على الهم بالسيئات وإن لم يفعلها، قال تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} [الحج: 25] فتأمل كيف عدى فعل الإرادة هاهنا بالباء، ولا يقال: أردت بكذا إلا لما ضمن معنى فعل ” هم ” فإنه يقال: هممت بكذا، فتوعد من هم بأن يظلم فيه بأن يذيقه العذاب الأليم. -ومن هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة جزاؤها مثلها، وصغيرة جزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات، والله أعلم. -وقد ظهر سر هذا التفضيل والاختصاص في انجذاب الأفئدة وهوى القلوب وانعطافها ومحبتها لهذا البلد الأمين، فجذبه للقلوب أعظم من جذب المغناطيس للحديد، فهو الأولى بقول القائل: مَحَاسِنُهُ هَيُولَى كل حُسْن … ومغناطيس أفئدة الرجال (5) - ولهذا أخبر سبحانه أنه مثابة للناس، أي: يثوبون إليه على تعاقب الأعوام من جميع الأقطار، ولا يقضون منه وطرا، بل كلما ازدادوا له زيارة ازدادوا له اشتياقا. لا يرجع الطرف عنها حين ينظرها … حتى يعود إليها الطرف مشتاقا -فلله كم لها من قتيل وسليب وجريح، وكم أنفق في حبها من الأموال والأرواح، ورضي المحب بمفارقة فلذ الأكباد، والأهل والأحباب والأوطان، مقدما بين يديه أنواع المخاوف والمتآلف والمعاطف والمشاق، وهو يستلذ ذلك كله ويستطيبه ويراه -لو ظهر سلطان المحبة في قلبه- أطيب من نعم المتحلية وترفهم ولذاتهم. وليس محبا من يعد شقاءه … عذابا إذا ما كان يرضى حبيبه وهذا كله سر إضافته إليه سبحانه وتعالى بقوله: {وطهر بيتي} [الحج: 26] فاقتضت هذه الإضافة الخاصة من هذا الإجلال والتعظيم والمحبة ما اقتضته، كما اقتضت إضافته لعبده ورسوله إلى نفسه ما اقتضته من ذلك، وكذلك إضافته عباده المؤمنين إليه كستهم من الجلال والمحبة والوقار ما كستهم، فكل ما أضافه الرب تعالى إلى نفسه فله من المزية والاختصاص على غيره ما أوجب له الاصطفاء والاجتباء، ثم يكسوه بهذه الإضافة تفضيلا آخر، وتخصيصا وجلالة زائدا على ما كان له قبل الإضافة]. انتهى (1) / لا يعضد شجره : لا يقطع ، و الخلا : النبات الرطب ، واختلاؤه : قطعه . (2) / رواه الترمذي (810) و قال : ( حديث حسن صحيح ) و كذا صححه الألباني في صحيح الترمذي . (3) / اسم لمكان في مكة المكرمة . (4) / سنن الترمذي (3925) و رواه غيره ، و صححه الألباني . (5) / الهيولى : مادة الشيء التي يصنع منها ، كالخشب للكرسي ، و الحديد للمسمار ، و القطن للملابس القطنية . [ المصدر : زاد المعاد في هدي خير العباد ، للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ، من صفحة (47) ] يتبع | |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:10 pm | |
| °°((الحج مؤتمر إسلامي فهل له فوائد))°° لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله - الحج مؤتمر إسلامي عام، فماذا يستفيد المسلمون من هذا الاجتماع؟ -لا ريب أن الحج مؤتمر عظيم واجتماع مهم من المسلمين من سائر أقطار الأرض وله في ذلك فوائد منها: -أداء الناس في الحج إلى بيت الله الحرام الذي شرعه الله لهم وأوجبه عليهم مع الاستطاعة، فاجتماعهم لهذا النسك الذي فرضه الله عليهم من نعم الله العظيمة، فإنهم يأتون من أرجاء الأرض ـــ هذا البيت العتيق أداء لما أوجب الله عليهم، وحرصاً على مغفرة ذنوبهم وحط خطاياهم وفوزهم بالجنة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، وهذه فائدة عظيمة لمن بر حجه، وفي اللفظ الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، فمعنى لم يرفث يعني لم يجامع زوجته في حال الإحرام، ولا يتكلم معها بما لا ينبغي من كلام الجماع أو يأتي بما لا ينبغي من قبلة أو لمس في حال الإحرام كل هذا رفث، ولم يفسق يعني لم يأت بشيء من المعاصي فالفسوق يطلق على المعاصي كلها، كلها فسوق، فإذا حج المؤمن واستقام على أمر الله في حجه واجتنب الرفث والفسوق فإنه يكون أدى حجه على وجه البر فيرجى له مغفرة الذنوب وحط الخطايا والفوز بالجنة والنجاة من النار. -وكذلك من فوائده التعارف بين المسلمين، التعارف والتلاقي بين المسلمين والتناصح والتعاون على البر والتقوى هذه من فوائده، ومن فوائده أيضاً أن الإنسان قد يجتمع بقريبه وصديقه فيستفيد منه نصيحة أو تعاوناً على البر والتقوى أو تعاوناً دنيوياً ومن ذلك ما يسمعه الحجاج من النصائح وحلقات العلم ودوام التذكير في المساجد وفي المسجد الحرام وفي المشاعر فإن هذه الأشياء لها فائدتها العظيمة. الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله - يتبع
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:17 pm | |
| °°((نصائح لحجاج بيت الله الحرام))°° للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالى – : - عندي بعض النصائح أريد أن أقدمها إلى القراء الكرام والحجاج إلى بيت الله الحرام عسى الله تبارك وتعالى أن ينفعهم بها ويكتب لي أجر الدال على الخير بإذنه إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير ومما لا ريب فيه أن باب النصيحة واسع جداً ، ولذلك فإني سأنتقي منه ما أعلم أن كثيراً من الحجاج في جهل به أو إهمال له . -أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا ويوفقنا للعمل به فإنه خير مسؤول . أولاً: إن كثيراً من الحجاج إذا أحرموا بالحج لا يشعرون أبداً أنهم تلبسوا بعبادة تفرض عليهم الابتعاد عما حرم الله تعالى من المحرمات عليهم خاصة وعلى كل مسلم عامة ، وكذا تراهم يحجون ويفرغون منه ولم يتغير شيء من سلوكهم المنحرف قبل الحج ، وذلك دليل عملي منهم على أن حجهم ليس كاملاً ، إن لم نقل: ليس مقبولاً ، ولذلك فإن على كل حاج أن يتذكر هذا ، وأن يحرص جهد طاقته أن لا يقع فيما حرم الله عليه من الفسق والمعاصي ، فإن الله تبارك وتعالى يقول: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ } [ البقرة: 197]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه } [ أخرجه الشيخان ]. -والرفث: هو الجماع قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( وليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا جنس الرفث ، فلهذا ميز بينه وبين الفسوق . وأما سائر المحظورات كاللباس والطيب ، فإنه وإن كان يأثم بها فلا تفسد الحج عند أحد من الأئمة المشهورين ) وهو يشير في آخر كلامه إلى أن هناك من العلماء من يقول بفساد الحج بأي معصية يرتكبها الحاج ، فمن هؤلاء الإمام ابن حزم رحمه الله فإنه يقول : ( وكل من تعمد معصية – أي معصية كانت – وهو ذاكر لحجه ، مذ أن يتم طوافه بالبيت للإفاضة ، ويرمي الجمرة ، فقد بطل حجه. . .) واحتج بالآية السابقة فراجعه في كتابه (المحلى) (7 / 186) فإنه مهم . -ومما سبق يتبين أن المعصية من الحاج ، إما أن تفسد عليه حجه على قول ابن حزم ، وإما أن يأثم بها ، ولكن هذا الإثم ليس كما لو صدر من غير الحاج ، بل هو أخطر بكثير فإن من آثاره أن لا يرجع من ذنوبه كما ولدته أمه كما صرح بذلك الحديث المتقدم. فبذلك يكون كما لو خسر حجته لأنه لم يحصل على الثمرة منها وهي مغفرة الله تعالى فالله المستعان. -وإذا تبين هذا فلا بد لي من أن أحذر من بعض المعاصي التي يكثر ابتلاء الناس بها ويحرمون بالحج ولا يشعرون إطلاقاً بأن عليهم الإقلاع عنها ذلك لجهلهم وغلبة الغفلة عليهم وتقليدهم لآبائهم : 1 – الشرك بالله عز وجل: -فإن من أكبر المصائب التي أصيب بها بعض المسلمين جهلهم بحقيقة الشرك الذي هو من أكبر الكبائر ومن صفته أنه يحبط الأعمال: { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [ محمد: 65 ] فقد رأينا كثيراً من الحجاج يقعون في الشرك وهم في بيت الله الحرام وفي مسجد النبي عليه الصلاة والسلام يتركون دعاء الله والاستغاثة به إلى الاستعانة بالأنبياء بالصالحين ويحلفون بهم ويدعونهم من دون الله عز وجل ، والله عز وجل يقول: { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[ فاطر: 14]. -والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً ، وفي هذه كفاية لمن فتح قلبه للهداية، إذ ليس الغرض الآن البحث العلمي في هذه المسألة وإنما هو التذكير فقط . -فليت شعري ماذا يستفيد هؤلاء من حجهم إلى بيت الله الحرام ، إذا كانوا يصرون على مثل هذا الشرك ، ويغيرون اسمه فيسمونه : توسلاً ، و تشفعاً ، وواسطة ! أليس هذه الواسطة هي التي ادعاها المشركون من قبل يبررون بها شركهم وعبادتهم لغيره تبارك وتعالى: { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } [ الزمر: 3 ] . -فيا أيها الحاج ، قبل أن تعزم على الحج ، يجب عليك وجوباً عينياً أن تبادر إلى معرفة التوحيد الخالص وما ينافيه من الشرك ، وذلك بدراسة كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فإن من تمسك بهما نجا ومن حاد عنهما ضل، والله المستعان . 2 – التزين بحلق اللحية: -وهذه المعصية من أكثر المعاصي شيوعاً بين المسلمين في هذا العصر ، بسبب استيلاء الكفار على أكثر بلادهم ونقلهم هذه المعصية إليها ، وتقليد المسلمين لهم فيها ، مع نهيه صلى الله عليه وسلم إياهم عن ذلك صراحة في قوله عليه الصلاة والسلام: { خالفوا المشركين احفوا الشوارب وأوفوا اللحى } [ رواه شيخان ] وفي حديث آخر: { وخالفوا أهل الكتاب } وفي هذه القبيحة عدة مخالفات: الأولى: مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم الصريح بالإعفاء . -الثانية: التشبه بالكفار . -الثالثة: تغير خلق الله الذي فيه طاعة الشيطان ، في قوله كما حكى الله تعالى ذلك عنه: { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ } [ النساء :119] -الرابعة: التشبه بالنساء وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك. -وانظر تفصيل هذا الإجمال في كتابنا (آداب الزفاف في السنة المطهرة) (ص 126 – 131) وإن من المشاهدات التي يراها الحريص على دينه أن جماهير من الحجاج يكونون قد وفروا لحاهم بسبب إحرامهم ، فإذا تحللوا منه فبدل أن يحلقوا رؤوسهم كما ندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حلقوا لحاهم التي أمرهم صلى الله عليه وسلم بإعفائها، فإنا لله وإنا إليه راجعون . 3 – تختم الرجال بالذهب: -لقد رأينا كثيراً من الحجاج قد تزينوا بخاتم الذهب ، ولدى البحث معهم في ذلك تبين أنهم على ثلاثة أنواع : بعضهم لا يعلم تحريمه ، ولذلك كان يسارع إلى نزعه بعد أن نذكر له شيئاً من النصوص المحرمة ، كحديث: { نهى صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب} [متفق عليه] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: { يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده؟ } [رواه مسلم] . -وبعضهم على علم بالتحريم ، ولكنه متبع لهواه ، فهذا لا حيلة لنا فيه إلا أن يهديه الله . -وبعضهم يعترف بالتحريم ، ولكن يعتذر بعذر – هو كما يقال أقبح من ذنب – فيقول : إنه خاتم الخطبة ! ولا يدري المسكين أنه بذلك يجمع بين معصيتين : مخالفة نهيه صلى الله عليه وسلم الصريح كما تقدم ، وتشبهه بالكفار ، لأن خاتم الخطبة لم يكن معروفاً عند المسلمين إلى ما قبل هذا العصر ، ثم سرت هذه العادة إليهم من تقاليد النصارى ، وقد فصلت القول في هذه المسألة في (آداب الزفاف) أيضا (ص 131 – 138) وبينت فيه أن النهي المذكور يشمل النساء أيضا خلافا للجمهور فراجع (ص 139 – 167) فإنه مهم جداً . -ثانياً : ننصح لكل من أراد الحج أن يدرس مناسك الحج على ضوء الكتاب والسنة قبل أن يباشر أعمال الحج ليكون تاماً مقبولاً عند الله تبارك وتعالى . -وإنما قلت: على الكتاب والسنة لأن المناسك قد وقع فيها من الخلاف – مع الأسف – ما وقع في سائر العبادات … ثالثاً : واحذر يا أخي أن تدع البيات في منى ليلة عرفة ، وكذا البيات في المزدلفة ليلة النحر ، فذلك من هدي نبيك صلى الله عليه وسلم ، لا سيما والبيات في المزدلفة حتى الصبح ركن من أركان الحج على الراجح من أقوال أهل العلم. ولا تغتر بما يزخرف لك من القول بعض من يسمون بـ (المطوفين) ، فإنهم لا هم لهم إلا قبض الفلوس ، وتقليل العمل الذي أخذوا عليه الأجر كافياً وافياً على أدائه بتمامه ، وسواء عليهم بعد ذلك أتم حجك أم نقص ، أتبعت سنة نبيك أم خالفت؟!. -رابعاً : واحذر أيضا يا أخي من أن تمر بين يدي أحد من المصلين في المسجد الحرام وفي غيره من المساجد ، لقوله صلى الله عليه وسلم: {لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه } . -قال الراوي: لا أدري قال: أربعين يوما أو شهرا أو سنة [ رواه الشيخان في صحيحيهما ] . -وكما لا يجوز لك هذا فلا يجوز لك أيضاً أن تصلي إلى غير سترة ، بل عليك أن تصلي إلى أي شيء يمنع الناس من المرور بين يديك. فإن أراد أحد أن يجتاز بينك وبين سترتك فعليك أن تمنعه. -وفي ذلك أحاديث وآثار أذكر بعضها: 1 – { إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر من وراء ذلك }. 2 – { إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره ، وليدرأ ما استطاع فإن أبى فليقاتله ، فإنما هو شيطان } [1] 3 – قال يحيى بن كثير: ( رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئا أو هيأ شيئا يصلي إليه ) رواه ابن سعد (7 / 18) بسند صحيح . 4 – عن صالح بن كيسان قال: ( رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة ولا يدع أحدا يمر بين يديه ) رواه أبو زرعة الرازي في (تاريخ دمشق) (91 / 1) وكذا ابن عساكر في (تاريخ دمشق) (8 / 106 / 2) بسند صحيح . ففي الحديث الأول : إيجاب اتخاذ السترة ، وأنه إذا فعل ذلك فلا يضره من مر وراءها . -وفي الحديث الثاني: إيجاب دفع المار بين يدي المصلي إذا كان يصلي إلى سترة ، وتحريم المرور عمداً وأن فاعل ذلك شيطان . -وليت شعري ما هو الكسب الذي يعود به الحاج إذا رجع وقد استحق هذا الاسم: (الشيطان) ؟! -والحديثان وما في معناهما مطلقان لا يختصان بمسجد دون مسجد ، ولا بمكان دون مكان ، فهما يشملان المسجد الحرام والمسجد النبوي من باب أولى ، لأن هذه الأحاديث إنما قالها صلى الله عليه وسلم في مسجده ، فهو المراد بها أصالة ، والمساجد الأخرى تبعاً. -والأثران المذكوران نصان صريحان على أن المسجد الحرام داخل في تلك الأحاديث ، فما يقال من بعض المطوفين وغيرهم أن المسجد المكي والمسجد النبوي مستثنيان من النهي ، لا أصل له في السنة ، ولا عن أحد من الصحابة ، اللهم سوى حديث واحد ؛ روي في المسجد المكي لا يصح إسناده ، ولا دلالة فيه على الدعوى كما سيأتي بيانه في (بدع الحج) (الفقرة 124) . خامساً : وعلى أهل العلم والفضل أن يغتنموا فرصة التقائهم بالحجاج في المسجد الحرام وغيره من المواطن المقدسة ، فيعلموهم ما يلزم من مناسك الحج وأحكامه على وفق الكتابة السنة ، وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى أصل الإسلام الذي من أجله بعثت الرسل وأنزلت الكتب ، ألا وهو التوحيد ، فإن أكثر من لقيناهم حتى ممن ينتمي إلى العلم وجدناهم في جهل بالغ بحقيقة التوحيد وما ينافيه من الشركيات والوثنيات ، كما أنهم في غفلة تامة عن ضرورة رجوع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ، وكثرة أحزابهم إلى العمل بالثابت في الكتاب والسنة ، في العقائد والأحكام ، والمعاملات والأخلاق ، والسياسة والاقتصاد ، وغير ذلك من شؤون الحياة ، وأن أي صوت يرتفع ، وأي إصلاح يزعم على غير هذا الأصل القويم والصراط المستقيم فسوف لا يجني المسلمون منه إلا ذلاً وضعفاً ، والواقع أكبر شاهد على ذلك والله المستعان . -وقد تتطلب الدعوة إلى ما سبق شيئاً قليلاً أو كثيراً من الجدال بالتي هي أحسن ،كما قال الله عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ النحل: 125] . فلا يصدنك عن ذلك معارضة الجهلة بقوله تعالى: {. . . فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [البقرة: 196]، فإن الجدال المنهي عنه في الحج هو كالفسق المنهي عنه في غير الحج أيضاً ، وهو الجدال بالباطل وهو غير الجدال المأمور به في آية الدعوة ، قال ابن حزم رحمه الله (7 / 196) : (والجدال قسمان: قسم واجب وحق ، وقسم في باطل ، فالذي في الحق واجب في الإحرام وغير الإحرام ، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ … } . ومن جادل في طلب حق له ، فقد دعا إلى سبيل ربه تعالى وسعى في إظهار الحق والمنع من الباطل ، وهكذا كل من جادل في حق لغيره أو لله تعالى ، والجدال بالباطل وفي الباطل عمداً ذاكراً لإحرامه مبطل للإحرام وللحج لقوله تعالى: { فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [البقرة: 196] ) . -وهذا كله على أن (الجدال) في الآية بمعنى المخاصمة والملاحاة حتى تغضب صاحبك، وقد ذهب إلى هذا المعنى جماعة من السلف ، -وعزاه ابن قدامة في (المغني) (3 / 296) إلى الجمهور ورجحه،وهناك في تفسيره قول آخر: وهو المجادلة في وقت الحج ومناسكه واختاره ابن جرير ، ثم ابن تيمية في (مجموعة الرسائل الكبرى) (2 / 361) ، وعلى هذا فالآية غير واردة فيما نحن فيه أصلاً،والله أعلم . ومع ذلك ، فإنه ينبغي أن يلاحظ الداعية أنه إذا تبين له أنه لا جدوى من المجادلة مع المخالف له لتعصبه لرأيه ، وأنه إذا صابره على الجدل فلربما ترتب عليه ما لا يجوز ، فمن الخير له حينئذ أن يدع الجدال معه لقوله صلى الله عليه وسلم: { أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا } . رواه أبو داود بسند حسن عن أبي أمامة ، وللترمذي نحوه من حديث أنس وحسنه . وفقنا الله والمسلمين لمعرفة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم واتباع هديه . يتبع | |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:21 pm | |
| °°((إتمام الحج والعمرة))°° لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان -قال الله تعالى: ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) في هذه الجملة من مطلع الآية الكريمة أمران عظيمان: -الأمر الأول: الأمر بإتمام الحج والعمرة؛ وذلك بأداء مناسكهما كما أمر الله ورسوله لا كما قال فلان، وأفتى فلان فإن بعض من يتسمون بالعلم اليوم يوجهون الناس إلى العمل بالرخص التي رخص بها بعض العلماء عن اجتهاد منهم لا العمل بالرخص الشرعية التي رخص الله بها لعباده. -وقال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته "، فهؤلاء يريدون أن يضيفوا رخصا لم يرخص الله بها ولا رسوله إلا أن فلانا قال كذا وفلانا أفتى بكذا، وإنما هلك بنوا إسرائيل بمثل هذا لما اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله فأحلوا لهم الحرام فاستحلوه وحرموا عليهم الحلال فحرموه فالواجب على الحاج أن يحذر من ذلك، وأن يؤدي حجه على وفق ما شرعه الله ورسوله فقد حج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه، وقال: " خذوا عني مناسككم ". -فالواجب أن نأخذ مناسكنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال سنته الشريفة، وليكن هذا بالرفق والتحين الفرص المناسبة لأداء المناسك، وعدم العجلة والمغامرة. -وقد وسع الله سبحانه وقت أداء المناسك بحيث يتمكن المسلم من أداء كل نسك في وقته في أوله أو وسطه أو آخره، ولكن تصرفات الناس هي التي تضيق أوقات أداء المناسك أو تضيق أماكنها. -وليكن هم المسلم أداء النسك على الوجه الصحيح حسب الاستطاعة، ولو تأخر ما لم يخرج عن وقته، ولكن بعض الناس أو كثيراً منهم يريد أن يرجع إلى بلده مع أول الناس، ولو كان ذلك على حساب مناسك حجه بل إن بعضهم يوكل على بقية المناسك ويسافر، فلا يتم الحج كما أمر الله وهو قد تكلف السفر والنفقة والتعب، وهذا من تلاعب الشيطان والنفس الأمارة بالسوء . -كما أن بعض الناس يدخل في المناسك ما ليس منها من البدع والمحدثات: -كالذهاب إلى المزارات المزعومة فيضيع وقته وماله وجهده، ويخل بمناسكه تمشياً مع العادات والتقاليد أو استجابة لدعاة البدعة والضلال، ولا يتعلم فقه الحج فيؤديه على ما أمر الله به بقوله: ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ ) فهذا قد نقص الحج بما أدخل عليه من البدع والخرافات التي تنقصه أو تبطله نتيجة للتقليد الأعمى، وإعراضا عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني مناسككم ". والأمر الثاني:قوله تعالى في الآية الكريمة (لِلَّه)، وهذا يعني الإخلاص في الحج بأن يكون خالصا لله لا رياء فيه ولا سمعة ولا يقصد به طمعاً من مطامع الدنيا، فإن الحج وسائر الأعمال إذا لم تكن خالصة لله لم تقبل قال تعالى: ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ )، وأعمال الحج وأقواله كلها تتجه إلى الله ففي التلبية: ( لبيك لا شريك لك ). -وفي دعاء عرفة خير ما قاله النبي والنبيون من قبله عليهم الصلاة والسلام: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). -وعند استلام الحجر أو الإشارة إليه في بداية الطواف: ( الله أكبر ). -وفوق الصفا والمروة في السعي يقول: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). -وعند رمي كل حصاة من حصى الجمار يقول: ( الله أكبر ). -وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الحجار لذكر الله عز وجل ). -فالحج مبني على التوحيد والإخلاص لله عز وجل فلا يستغيث الحاج بنبي ولا بولي ولا بأي مخلوق، ولا يتبرك بشجر ولا بحجر ولا بجبل ولا ببيت مولد، ولا بأثر من آثار الصالحين المزعومة ولا يطاف ببنية ولا بقبر ولا بمقام غير الكعبة المشرفة التي قال الله تعالى فيها: ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ). -ومن أتمام الحج والعمرة تجنب الرفث والجدل والفسوق والعصيان قال تعالى: ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ). -وقال عليه الصلاة والسلام: " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه "، فلنستشعر عظمة الحج، ولنؤديه كما شرع الله وكما أداه رسوله غير ملتفتين إلى قول فلان وعلان مما يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم. كتبه: صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء الموقع الرسمي لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان عضو اللجنة الدائمة للافتاء وعضو هيئة كبارالعلماء
يتبع...
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:24 pm | |
| °°((سفر المرأة إلى الحجِّ والعمرة بلا مَحْرَمٍ))°° -الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّد المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، وبعد: -فإنَّ الشَّريعة الإسلاميَّة مبنيَّة على جلب المصالح ودرء المفاسد، وقد رتَّب الله عز وجل مصالح الدِّين والدُّنيا على طاعته، واجتناب معصيته، وسدِّ باب الذَّرائع المفضية إلى الشَّرِّ والفساد، واختلاط الأنساب، وهتك الأعراض، وحصول الفتنة، ومن ذلك ما ورد من نصوص الكتاب والسُّنَّة الَّتي فيها الحثُّ على صيانة المرأة وحفظ عزَّتها وكرامتها كتحريم تبرُّجها وإظهار زينتها، ولهذا كان لباسها المشروع الَّذي رضيه الله لها ورسوله صلى الله عليه وسلم لباسًا يسترها، وحرَّم الشَّرع خَلْوَتَها بالرَّجل الأجنبي عنها الَّذي ليس من محارمها، والفقهاء في كتبهم يأمرون المرأة في الصَّلاة أن تجمع ولا تجافي بين أعضائها، وتتربَّع ولا تفترش، وفي الإحرام بالحجِّ والعمرة ألاَّ ترفع صوتها إلاَّ بقدر ما تُسمع رفيقتها، وكذلك لا ترفع صوتها بالتَّلبية، وبالتَّكبير أيَّام التَّشريق، وألا تضطبع وألاَّ ترمل في الطَّواف ولا بين الصَّفا والمروة بين العلمين، وأن لا ترقى فوق الصَّفا والمروة، ولا يستحب لها تقبيل الحجر الأسود ولا استلام الرُّكنين إلاَّ عند خلوِّ المطاف، كلُّ ذلك لتحقيق ستر المرأة وصيانتها، والحاصل كما قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله أنَّ: كلَّ ما كان أستر لها وأصون كان أصلح لها([1]). -ومن الذَّرائع المفضية إلى الفتنة والفساد سفر المرأة بلا زوج ولا محرم يحفظها؛ وقد نهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن سفرها بلا محرم بأدلَّة في غاية الوضوح كما سيأتي تفصيله. -ونظرًا لشيوع هذه الظَّاهرة في هذه الأزمنة وتساهل بعض النَّاس فيها، إمَّا جهلاً بحكم الشَّريعة فيها، وإمَّا تساهلاً منهم لضعف الإيمان، وتسلُّط الشَّيطان على الإنسان، ونظرًا أيضًا لكون بعض المعاصرين يدَّعي إجماع الصَّحابة على الجواز، وعدُّوا إجماعًا ما ليس بإجماع مع أنَّ النِّزاع فيها معروف، والخلاف فيها مشهور مذكور في كتب أحكام القرآن والتَّفسير والفقه وشروح الحديث وغيرها، ولأجل ذلك أحببت أن أحرِّر محل النِّزاع في هذه المسألة ببيان موضع الوفاق وموضع الخلاف، مع نسبة كلِّ قول لقائله، ثمَّ أذكر الأدلَّة الدَّالَّة على تحريم سفر المرأة بلا محرم نصحًا للأولياء المسؤولين على رعاية أزواجهم وبناتهم وأخواتهم، وصيانتهن من كلِّ خطر، وتذكيرًا للنِّساء المؤمنات المحافظات على دينهنَّ الممتثلات أوامر ربِّهنَّ، فأقول وبالله التَّوفيق: -أجمع أهل العلم على جواز سفر المرأة بلا محرم للضَّرورة، كما إذا أسلمت المرأة فهاجرت من دار الحرب إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها أحد من محارمها، وكذلك المرأة الأسيرة إذا تخلَّصت من أيدي الكفَّار فإنَّها تسافر وإن لم يكن معها محرم. -وذهب جماهير العلماء من الحنفيَّة والمالكيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة وغيرهم إلى اشتراط مرافقة الزَّوج أو المحرم للمرأة في الأسفار الَّتي ليست واجبة كالسَّفر للحجِّ والعمرة المستحبَّين أو السَّفر لزيارة الأقارب أو للتِّجارة أو نحو ذلك([2]). -قال القاضي عياض: ولم يختلفوا أنَّه ليس لها أن تخرج في غير فرض الحجِّ إلاَّ مع ذي محرم([3])، وقال نحوه العلاَّمة القرطبي([4]). وقال المحبُّ الطَّبري: قال البغوي في «شرح السُّنَّة»: والقول باشتراط المحرم أولى لظاهر الحديث، ولم يختلفوا أنَّها ليس لها الخروج في غير الفرض إلاَّ مع محرم إلاَّ في كافرة أسلمت في دار الحرب، أو أسيرة تخلَّصت([5]). -ونقل الحافظ ابن حجر نصَّ البغوي المتقدِّم ثمَّ قال: وزاد غيرُه أو امرأة انقطعت من الرِّفقة فوجدها رجل مأمون فإنَّه يجوز له أن يصحبها حتَّى يبلغها الرِّفقة([6]). -وقال العلاَّمة الزّرقاني: ومحلُّ الخلاف في حجِّ الفرض، فأمَّا التَّطوُّع فلا تخرج إلاَّ مع محرم أو زوج... ومحلُّ هذا كلِّه ما لم تدعُ ضرورة، كوجود امرأة أجنبيَّة منقطعة مثلاً، فله أن يصحبها، بل يجب عليه إذا خاف عليها لو تركها([7]). -وذهب بعض متأخِّري الشَّافعية إلى جواز سفر المرأة بلا محرم في جميع الأسفار: في سفر الطَّاعة: كحجِّ التَّطوُّع، والسَّفر المباح كسفر التِّجارة، وكلّ سفر ليس بواجب، وهو قول ضعَّفه الماوردي والنَّووي وغيرهما؛ لأنَّه يخالف الأحاديث الصَّحيحة الصَّريحة كما سيأتي، ويخالف المنصوص عن الإمام الشَّافعي وما عليه جمهور أصحابه([8]). -قال الحافظ ابن حجر: أغرب القفال فطرده في الأسفار كلّها، واستحسنه الروياني([9]). - قال ابن حجر: وهو يعكِّر على نفي الاختلاف الَّذي نقله البغوي آنفًا([10]). -وفرَّق الإمام أحمد في رواية عنه، وبعض المالكيَّة كابن رشد الجدِّ بين المرأة الشَّابَّة والعجوز، فمنعوا الشَّابَّة من السَّفر إلاَّ مع ذي محرم، وأجازوا للكبيرة غير المشتهاة الَّتي انقطعت حاجة النَّاس منها أن تسافر للحجِّ خاصَّة عند أحمد، وعند ابن رشد حيث شاءت في كلِّ الأسفار بلا زوج ولا محرم([11]). -سُئل أحمد في رواية عن امرأة عجوز كبيرة ليس لها محرم، ووجدت قومًا صالحين، فقال: إن تولَّت هي النُّزول والرُّكوب، ولم يأخذ رجل بيدها فأرجو؛ لأنَّها تفارق غيرها في جواز النَّظر إليها للأمن من محذور، فكذا هنا([12]). -ومال إلى هذا التَّفريق شيخ الإسلام ابن تيميَّة في بعض فتاويه وذكر قيودًا حيث سُئل: هل يجوز أن تحجَّ المرأة بلا محرم؟ فأجاب: إنْ كانت من القواعد اللاَّتي لم يحضن، وقد يئست من النِّكاح، ولا محرم لها، فإنَّه يجوز في أحد قولي العلماء أن تحجَّ مع مَنْ تأمنه، وهو إحدى الرِّوايتين عن أحمد، ومذهب مالك والشَّافعي([13]). -وردَّ هذا القول ابن مفلح، فقال: كذا قال ـ يعني الإمام أحمد ـ فأخذ من جواز النَّظر الجواز هنا، فتلزمه في شابَّة قبيحة، وفي كلِّ سفر والخلوة كما سيأتي في آخر العِدد، مع أنَّ الرِّواية فيمن ليس لها محرم([14]). -وقد تعقَّب العلاَّمة القرطبي رحمه الله ما ذهب إليه بعض المالكيَّة كابن رشد من جواز سفر الكبيرة في الأسفار كلِّها بلا زوج ولا محرم، فقال: وفيه بعد؛ لأنَّ الخلوة بها تحرم، وما لا يطلع عليه من جسدها غالبًا عورة، فالمظنَّة موجودة فيها، والعموم صالح لها، فينبغي ألاَّ تخرج منه([15]). -وقال العلاَّمة النَّووي رحمه الله: وهذا الَّذي قاله الباجي([16]) لا يوافق عليه؛ لأنَّ المرأة مظنَّة الطَّمع فيها، ومظنَّة الشَّهوة، ولو كانت كبيرة، وقد قالوا: «لكلِّ ساقطة لا قطة» ويجتمع في الأسفار من سفهاء النَّاس، وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها لغلبة شهوته، وقلَّة دينه، ومروءته، وخيانته، ونحو ذلك، والله أعلم([17]). -ويردُّ هذا التَّفريق، قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا» الحديث([18]) إذ هو على العموم لجميع النِّساء؛ لأنَّ المرأة نكرة في سياق النَّفي، فتدخل فيه الشَّابَّة والكبيرة؛ ولأنَّ المرأة في السَّفر بحاجة إلى من يُركبها ويُنزلها، وحاجة العجوز إلى ذلك أشدُّ؛ لأنَّها أعجز([19]). -إذا تقرَّر هذا، فقد اختلفت الأمَّة في اشتراط المحرم للمرأة لأداء حجَّة الإسلام على قولين مشهورين، بعد إجماعهم([20]) على وجوب الحجِّ عليها إذا استطاعت. -القول الأوَّل: لا تسافر المرأة لأداء الحجِّ الواجب ولا غيره إلاَّ مع زوجها أو ذي محرم منها، وهو مرويٌّ عن أبي سعيد الخدري، وهو قول الحسن البصري، وعِكْرمة، وإبراهيم النَّخعي، وطاوس بن كيسان، والشَّعبي، وأبي ثور، والثَّوري([21])، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه([22])، وقول عند المالكيَّة، حكي عن ابن عبد الحكم، واختاره اللَّخمي([23])، وقال ابن ناجي وأبو الحسن المنوفي: كأنَّه مال إليه ابن أبي زيد([24])، وهو أحد قولي الشَّافعي([25])، وأحمد في المشهور([26])، وإسحاق في المشهور عنه أيضًا([27])، واختاره ابن نصر المروزي، وابن المنذر، والخطَّابي، والبغوي، والمحب الطَّبري من الشَّافعيَّة([28])، ونصره ابن تيميَّة في «شرح العمدة»، واختاره: ابن باز، والألباني، وابن عثيمين([29]). -القول الثَّاني: لا يشترط المحرم في سفر الحجِّ الواجب، بل يشترط الأمن على نفسها، وهو مرويٌّ عن عائشة رضي الله عنها، وابن عمر رضي الله عنه([30])، وقال به عطاء، وسعيد بن جُبَيْر، وابن سيرين، والحكم بن عتيبة، والأوزاعي([31])، ومالك، وهو مشهور المذهب([32])، والشَّافعي في المشهور عنه([33])، وأحمد في رواية([34])، وحكاه ابن نصر المروزي عن إسحاق([35])، وداود الظَّاهري وجميع أصحابه([36]). -ثمَّ اختلفوا بما يحصل الأمن: فقال مالك: تخرج مع جماعة من النِّساء([37])، وقال الشَّافعي وهو الصَّحيح المشهور من مذهب الشَّافعية: يحصل الأمن بنسوة ثقات إن لم يكن معها زوج أو محرم، وفي قول للشَّافعي: تخرج ولو مع امرأة واحدة حرَّة ثقة مسلمة([38])، وروى الكرابيسي عن الشَّافعي قولاً ثالثًا: أنَّها تخرج من غير نساء إذا كان الطَّريق آمنًا، واختاره الشِّيرازي، والقفَّال، والرّوياني وصحَّحوه، وضعَّفه الماوردي والنَّووي وغيرهما من الشَّافعيَّة، وقالوا: هو خلاف نصِّ الشَّافعي([39])، وقال ابن سيرين: تخرج مع ثقاة المسلمين من الرِّجال ولو مع رجل من المسلمين لا بأس به، وقال الأوزاعي: تخرج مع قوم عدول، تتَّخذ سلَّمًا تصعد عليه وتنزل، ولا يقربها رجل، إلاَّ أنَّه يأخذ رأس البعير، وتضع رجلها على ذراعه([40]). -والدَّليل على تحريم سفر المرأة لأداء الحجِّ الواجب إلاَّ مع زوج أو ذي محرم منها السُّنَّةُ والقياس والنَّظرُ:
-أوَّلاً: الدَّليل من السُّنَّة: أ ـ أحاديث عامَّة دالَّة على نهي المرأة عن السَّفر أيّ سفرٍ كان بلا مَحْرَم: 1 ـ عن ابن عمر رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ». -وفي رواية: «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلاَثًا إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»([41]). 2 ـ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا، فأعجبنني وآنَقْنني([42]): «نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين إلاَّ ومعها زوجها أو ذو محرم» واقتصَّ باقي الحديث([43]). -وفي رواية بلفظ: «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إِلاَّ وَمَعَهَا أَبُوهَا، أَوْ ابْنُها، أَوْ زَوْجُهَا، أَوْ أَخُوهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا»([44]). -وفي رواية: «لاَ تُسَافِرِ امْرَأَةٌ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»([45]). 3 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ، إِلاَّ وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا»([46]). -وفي رواية: «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا» وفي رواية: «مَسِيرَةَ يَوْمٍ». -وفي رواية: «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ أَنْ تُسَافِرَ ثَلاَثًا إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»([47]). -وجه الدِّلالة: دلالة هذه الأحاديث ظاهرة على اشتراط المحرم للمرأة في سفرها للحجِّ الواجب؛ لأنَّ قوله صلى الله عليه وسلم: «أَنْ تُسَافِرَ» وفي رواية: «أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا» عامٌّ في كلِّ الأسفار سواء كان سفر طاعة أو غيره([48])، فيدخل تحت هذا العموم سفر المرأة لأداء الحجِّ الواجب، بل هو داخل في هذا العموم دخولاً أوَّليًّا؛ لأنَّ الغالب في سفر المرأة في الزَّمن الغابر كان لأجل الحجِّ، ولم تكن المرأة تسافر للتِّجارة أو الجهاد أو غير ذلك إلاَّ نادرًا، فثبت بهذه الأحاديث منع المرأة من السَّفر إلى الحجِّ إلاَّ مع زوج أو محرم.
ب ـ أحاديث تنصُّ على نهي المرأة عن السَّفر إلى الحجِّ بلا محرم: 1 ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، فقام رجل، فقال: يا رسول الله! إِنَّ امْرأتي خرجت حاجَّة، وإنِّي اكتُتبت في غزوة كذا وكذا، قال: اِنْطَلِقْ، فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ»([49]). -وجه الدّلالة: دلَّ هذا الحديث دلالة صريحة قويَّة على اشتراط المحرم للمرأة لأداء الحجِّ الواجب وأنَّه لا يحلُّ لها أن تحجَّ إلاَّ به؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن سفر المرأة بلا محرم وهو يخطب أيَّام الحجِّ بمسمع من الصَّحابة رضي الله عنهم ، ففهم الصَّحابة رضي الله عنهم ـ ومنهم السَّائل ـ من خطابه أنَّ النَّهي يعمُّ الحجَّ وغيره من الأسفار، ولذلك سأل عن الحجِّ مع امرأته، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أقرَّه على هذا الفهم ولم ينكر سؤاله، بل أمره أن يحجَّ مع امرأته، ولم يستفصل منه أهو حجُّ فرض أو تطوُّع ؟ بل الظَّاهر أنَّه كان حجَّ فرضٍ؛ لأنَّه لو كان تطوُّعًا لما أمره بترك الغزو الَّذي هو فرض لتطوُّع المرأة بالحجِّ. -فلو لم يكن الْمَحْرَم شرطًا في سفر المرأة، لما أمره صلى الله عليه وسلم بالسَّفر معها، والتَّخلُّف عن الغزو الَّذي اكتُتب فيه([50]). وكذلك فهم عكرمة مولى ابن عبَّاس من النَّهي أنَّه يعمُّ الحجَّ، فعن عكرمة سُئل عن المرأة تحجُّ مع غير ذي محرم أو زوج؟ فقال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسافر المرأة فوق ثلاثة إلاَّ مع ذي محرم» فكيف تصنع ما نهاها؟!([51]). -قال الإمام الطَّحاوي رحمه الله: فدلَّ ذلك على أنَّها لا ينبغي لها أن تحجَّ إلاَّ به، ولولا ذلك لقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما حاجتها إليك؛ لأنَّها تخرج مع المسلمين، وأنت فامض لوجهك فيما اكتتبت»، ففي ترك النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أن يأمره بذلك، وأمره أن يحجَّ معها، دليل على أنَّها لا يصلح لها الحجُّ إلاَّ به([52]). -وقال العلاَّمة الجصَّاص رحمه الله: هذا يدلُّ على أنَّ قوله: «لاَ تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» قد انتظم المرأة إذا أرادت الحجَّ من ثلاثة أوجه: -أحدها: أنَّ السَّائل عقل منه ذلك؛ ولذلك سأله عن امرأته وهي تريد الحجَّ، ولم ينكر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك عليه، فدلَّ على أنَّ مراده صلى الله عليه وسلم عامٌّ في الحجِّ وغيره من الأسفار. -والثَّاني: قوله: «حُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ» وفي ذلك إخبار منه بإرادة سفر الحجِّ في قوله: «لاَ تُسَافِرُ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ». -والثَّالث: أمره إيَّاه بترك الغزو للحجِّ مع امرأته، ولو جاز لها الحجُّ بغير محرم أو زوج لما أمره بترك الغزو، وهو فرض للتَّطوُّع، وفي هذا دليل أيضًا على أنَّ حجَّ المرأة كان فرضًا ولم يكن تطوُّعًا؛ لأنَّه لو كان تطوُّعًا لَمَا أمره بترك الغزو الَّذي هو فرض لتطوُّع المرأة. -ومن وجه آخر: وهو أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يسأله عن حجِّ المرأة أفرض هو أم نفل؟ وفي ذلك دليل على تساوي حكمهما في امتناع خروجها بغير محرم، فثبت بذلك أنَّ وجود المحرم للمرأة من شرائط الاستطاعة([53]). وجاء في رواية سعيد بن منصور ـ إن صحَّت ـ أنَّه نذر أن يخرج في غزوة كذا، والنَّذر يجب الوفاء به، ومع ذلك فقد رخَّص له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في ترك نذره، وأمره بأن يحجَّ مع امرأته ممَّا يؤكِّد اشتراط المحرميَّة في سفر المرأة في أداء الحجِّ الواجب. -فعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو يخطب ـ يقول: «لاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلَنَّ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فقال رجل: يا رسول الله! إنِّي نَذرت أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحجَّ، قال: فَاخْرُجْ مَعَهَا»([54]). -قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فلو لم يكن شرطًا ما رخَّص له في ترك النَّذر([55]). -وفي الباب أحاديث أخرى هي نصٌّ في محلِّ الخلاف؛ لكنَّها ضعيفة الإسناد، ولذلك أحببت أن أذكرها لبيان ضعفها حتَّى لا يغترَّ بها، لا سيما وأنَّ طائفة من الفقهاء احتجُّوا بها، وصحَّحها بعض العلماء، منها: 2 ـ عن ابن جريج، عن عَمْرو بن دينار، قال: أخبرني عكرمة، أو أبو معبد، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّه قال: جاء رجل إلى المدينة، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ نَزَلْتَ؟ قال: على فلانة، قال: أَغَلَّقَتْ عَلَيْكَ بَابَهَا ـ مرَّتَيْن ـ؟ لاَ تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»([56]). -وفي رواية البزَّار عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَحُجُّ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فقال رجل: يا نبيَّ الله! إنِّي اكتتبت في غزوة كذا، وامرأتي حاجَّة، قال: اِرْجِعْ فَحُجَّ مَعَهَا»([57]). -فالحديث صريح الدِّلالة، ونصٌّ في مورد النِّزاع من أنَّ المرأة لا تسافر للحجِّ إلاَّ مع ذي محرم منها. -قال ابن قدامة رحمه الله: وهذا صريح في الحكم([58]). -إلاَّ أنَّ هذا الحديث بهذا اللَّفظ وإن كان صحَّحه أبو عوانة وابن حجر في موضع، فهو ضعيف، قال ابن حزم: وأمَّا حديث عكرمة فمرسل...([59]). -وقال ابن حجر: والمحفوظ في هذا مرسل عكرمة([60]). 3 ـ عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لاَ تُسَافِرِ امْرَأَةٌ سَفَرًا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَحُجَّ إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْجُهَا»([61]).
ثانيًا: الدَّليل من القياس: 1 ـ أنَّها أنشأت سفرًا عن اختيار في دار الإسلام، فلم يجز بغير زوج أو محرم كالسَّفر لحجِّ التَّطوُّع وسائر الأسفار([62]). 2 ـ أنَّ المرأة لو كانت في عدَّتها لم يكن لها أن تخرج للحجِّ، وتأثير عدم المحرم في المنع من السَّفر كتأثير العِدَّة، فإذا منعت من الخروج لسفر الحجِّ بسبب العِدَّة، فكذلك تمنع بسبب عدم المحرم([63]).
ثالثًا: الدَّليل من النَّظر. -المرأة عرضة للفتنة، وقد زُيِّن للنَّاس حبُّ النِّساء، والميل إليهنَّ، وباجتماع النِّساء تزداد الفتنة ولا ترتفع، إنَّما ترتفع بحافظ يحفظها، ويصونها، ويذبُّ عنها، ولا يطمع فيها، وذلك هو المحرم، ألا ترى أنَّه يجوز له أن يخلو بها؛ لأنَّه لا يطمع فيها وهو يعلم أنَّها محرَّمة عليه أبدًا، لما جبل الله النُّفوس عليه في النُّفرة عن المحارم، فكذلك يسافر بها([64]). -قال الإمام اللَّخمي: «ولأنَّ الفساد لا يتعذَّر باللَّيل وإن كانت مع جماعة إذا لم يكن وليٌّ يطَّلع عليها ويحفظها»([65]). -وقال القاضي عياض: «والمرأة فتنة ممنوع الانفراد بها لما جبلت عليه نفوس البشر من الشَّهوة فيهنَّ، وسلّط عليهم من الشَّيطان بواسطتهنَّ؛ ولأنَّهنَّ لحم على وَضَم([66]) إلاَّ ما ذبَّ عنه، وعورة مضطرَّة إلى صيانة وحفظ، وذي غيرة يحميها ويصونها، وطبع الله في ذوي المحارم من الغيرة على محارمهن والذَّبِّ عنهنَّ ما يؤمن عليهن في السَّفر معهم ما يخشى»([67]). -وقال ابن الجوزي: «وأمَّا السَّفر فإنَّ المرأة إذا خلت عن محرم كانت كأنَّها في خلوة، ولا يؤمن عليها من جهة ميل طبعها إلى الهوى وعدم المحرم المدافع عنها»([68]). -وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «وقد أجمع المسلمون على أنَّه لا يجوز لها السَّفر إلاَّ على وجه يؤمن فيه البلاء، ثمَّ بعض الفقهاء ذكر كلٌّ منهم ما اعتقده حافظًا لها وصائنًا، كنسوة ثقات، ورجال مَأْمُونين، ومنعه أن تسافر بدون ذلك، فاشتراط ما اشترطه الله ورسوله أحقُّ وأوثق، وحكمته ظاهرة؛ فإنَّ النِّساء لحم على وضم إلاَّ ما ذبَّ عنه، والمرأة معرَّضة في السَّفر للصُّعود، والنُّزول، والبروز، محتاجة إلى من يعالجها، ويمسُّ بدنها تحتاج هي ومن معها من النِّساء إلى قيِّمٍ يقوم عليهنَّ، وغير المحرم لا يؤمن ولو كان أتقى النَّاس؛ فإنَّ القلوب سريعة التَّقلُّب، والشَّيطان بالمرصاد، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا خَلاَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا»([69]). -قال: وأمر النِّساء صعب جدًّا؛ لأنَّ النِّساء بمنزلة الشَّيء الَّذي يُذبُّ عنه، وكيف تستطيع المرأة أن تحجَّ بغير محرم، فكيف بالضَّيعة، وما يخاف عليها من الحوادث»([70]).
-تنبيه: -إن قيل: قد اختلفت ألفاظ الحديث في تقدير مسيرة السَّفر يعني المسافة الَّتي تنهى المرأة أن تسافر فيها بلا محرم، والأخذ ببعضها ليس أولى من الأخذ بالبعض الآخر. -فالجواب: أنَّ هذا وإن كان ممَّا ظاهره الاختلاف والتَّنافر، إلاَّ أنَّ العلماء قد أجابوا عن هذا الاختلاف بأجوبة متعدِّدة، ولعلَّ أحسنها، والله أعلم: ما قاله ابن عبد البرِّ والبيهقيُّ وطائفة من المحقِّقين وعمل به جمهور العلماء: إنَّ محملها أنَّها خرجت على أجوبة السَّائلين في مواطن مختلفة ونوازل متفرِّقة، فحدث كلُّ واحد من الرُّواة بما سمع، كأنَّه قيل للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في وقت ما: هل تسافر المرأة مسيرة يوم بلا محرم؟ فقال: لا، وقيل له في وقت آخر: هل تسافر المرأة مسيرة يومين بغير محرم؟ فقال: لا، وقال له آخر: هل تسافر المرأة مسيرة ثلاثة أيَّام بغير محرم؟ فقال لا، وكذلك معنى اللَّيلة والبريد ونحو ذلك، فأدَّى كلُّ واحد ما سمع على المعنى. -وأمَّا ما رُوي من اختلاف في الألفاظ عن صحابيٍّ واحد، فيُحمل على أنَّه حدَّث مرَّات بها على اختلاف ما سمع وشاهد في مواطن، فَيَرْوِي تارة هذا وتارة هذا، وكلُّه صحيح([71]). وهناك أجوبة أخرى ذكرها أهل العلم تُنظر في موضعها. -قال الإمام الحافظ ابن عبد البر: ويجمع معاني الآثار في هذا الباب وإن اختلفت ظواهرها الحظر على المرأة أن تسافر سفرًا يخاف عليها الفتنة بغير محرم قصيرًا كان أو طويلاً، والله أعلم([72]). -وقال العلاَّمة النَّووي: فالحاصل أنَّ كلَّ ما يسمَّى سفرًا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيَّام، أو يومين، أو يومًا، أو بريدًا، أو غير ذلك؛ لرواية ابن عبَّاس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السَّابقة: «لاَ تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وهذا يتناول جميع ما يسمَّى سفرًا([73]). -وقال الحافظ ابن حجر: وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التَّقييدات([74]). -وقال العلاَّمة المناوي: ليس القصد بها التَّحديد، بل المدار على ما يسمَّى سفرًا عُرْفًا، والاختلاف إنَّما وقع لاختلاف السَّائل، أو المواطن، وليس هو من المطلق والمقيَّد، بل من العامِّ الَّذي ذكرت بعض أفراده، وذا لا يخصِّص على الأصح([75]). -إذا تقرَّر هذا، علمت غلط من قال من المعاصرين: لو قطعت المرأة بلا محرم مسافة في وسيلة من وسائل النَّقل المعاصرة السَّريعة في وقت قصير يستغرق ساعات قليلة أو ساعة أو أقلّ كالسَّفر في الطَّائرة جاز، فهذا غير صحيح؛ لأنَّ المراد بالمسيرة: المسافة، وليس المراد: الوقت الزَّمني والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أفصح العرب وأوتي جوامع الكلم ولا يعني بالمسيرة: الوقت. -فالشَّرع أناط الحكم بالسَّفر، وهو كلُّ ما يسمَّى سفرًا في العُرْفِ والعَادَة، سواء كان قصيرًا أو طويلاً على الصَّحيح، وأمَّا وسيلة النَّقل ووقته فهذه أوصاف طرديَّة، واختلاف الزَّمان والمكان وتغيُّر وسائل النَّقل لا أثر له في تغيير الحكم الَّذي ثبت بالسُّنَّة. -ثمَّ إنَّ سفر المرأة بالطَّائرة وقطع المسافة الطَّويلة في وقت يسير لا يعني هذا أنَّ المرأة في أمان، وأنَّه لا خوف عليها، فإنَّ خطر سفرها في الطَّائرة بلا محرم لا يقلُّ خطورة عن سفرها بوسائل النَّقل الأخرى؛ لأنَّ الطَّائرة عُرْضَة للتَّأخير، وقد تهبط في مكان آخر لتغيُّر الأحوال الجوِّيَّة، أو للتَّزوُّد بالوقود، أو لعطل، أو لاختطاف الطَّائرة، وقد تجلس في المكان المخصَّص لها بجوار الرِّجال، والمرأة ضعيفة، فهي لحم على وضم إلاَّ ما ذبَّ عنه، فأين المحرم الَّذي يذبُّ عنها ويحفظها في تلك الظُّروف الاستثنائيَّة والأوقات الحرجة؟([76]). وإليك أخي القارئ فتاوى علماء العصر الأكابر في سفر المرأة بلا محرم:
-فتوى الإمام القدوة عبد العزيز بن باز رحمه الله: -من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرَّم الأستاذ/ أ.س.ع. وفَّقه الله لكلِّ خير، آمين. -سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: كتابكم المؤرَّخ في 15/1/1394هـ وصل وصلكم الله بهداه، وما تضمَّنه من الإفادة أنَّك اختلفت مع أحد زملائك في جواز سفر المرأة المسلمة بالطَّائرة بدون محرم، مع أنَّ وليَّها يكون معها حتَّى تركب الطَّائرة، ومحرمها الآخر يكون في استقبالها في البلد المتوجِّهة إليه، ورغبتك في الفتوى كان معلومًا. -الجواب: لا يجوز سفر المرأة المسلمة في الطَّائرة ولا غيرها بدون محرم يرافقها في سفرها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» متَّفق على صحَّته؛ ولأنَّه من المحتمل تعرُّضها للمحذور في أثناء سير الطَّائرة بأيَّة وسيلة من الوسائل، ما دامت ليس لديها من يحميها، وأمر آخر: وهو أنَّ الطَّائرات يحدث فيها خراب أحيانًا، فتنزل في مطار غير المطار الَّذي قصدته، ويقيم ركَّابها في فندق أو غيره في انتظار إصلاحها، أو تأمين طائرة غيرها، وقد يمكثون في انتظار ذلك مدَّة طويلة أو يومًا أو أكثر، وفي هذا ما فيه من تعرُّض المرأة المسافرة وحدها للمحذور، وبالجملة فإنَّ أسرار أحكام الشَّريعة الإسلاميَّة كثيرة، وعظيمة، وقد يخفى بعضها علينا، فالواجب التَّمسُّك بالأدلَّة الشَّرعيَّة، والحذر من مخالفتها من دون مسوِّغ شرعيٍّ لا شكَّ فيه، وفَّق الله الجميع للفقه في الدِّين، والثَّبات عليه، إنَّه خير مسؤول، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته([77]).
-فتوى ابن باز عن صحَّة الحجِّ بلا محرم: -السَّائلة: قدمت للحجِّ بصحبة عدد من النِّساء وليس لي محرم، وقد تجاوز عمري الخمسين عامًا، فهل يعتبر حجِّي صحيحًا؟ -أفيدوني أفادكم الله. -الجواب: لا يجوز لمسلمة أن تحجَّ بدون محرم؛ لقول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وذهب بعض العلماء إلى جواز الحجِّ مع ثقات النِّساء بدون محرم، ولكنَّه قول مرجوح، والصَّواب ما قاله النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُسَافِرْ امْرَأَةٌ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»، ولكنَّها إن حجَّت مع النِّساء صحَّ حجُّها، وعليها التَّوبة إلى الله؛ لأنَّها أخطأت وأثمت، فعليها التَّوبة إلى الله والنَّدم، وألاَّ تعود إلى مثل هذا، وحجُّها صحيح إن شاء الله؛ لأنَّها أدَّت مناسك الحجِّ، فصحَّ مع الإثم في مخالفتها السُّنَّة في حجِّها بدون محرم، والله وليُّ التَّوفيق([78]).
-فتوى ناصر السُّنَّة الفقيه المحدِّث محمَّد ناصر الدِّين الألباني رحمه الله: -السَّائل: سفر المرأة بدون محرم في الطَّائرة يجوز؟ الجواب: ما دام سفرًا فلا يجوز، ولا فرق بين السَّفر بالطَّائرة أو السَّيَّارة أو الدَّابَّة ما دام أنَّ كلَّ هذه المسيرات تدخل في مسمَّى السَّفر شرعًا. -السَّائل: إذا لم يتمّ مسيرة يوم وليلة؟ -الشَّيخ: ليس بالسَّفر في الشَّرع مدَّة محدودة بالمراحل كما كانوا قديمًا، أو بالكيلو مترات كما يقولون حديثًا، وإنَّما سفر([79]).
-فتوى العلاَّمة الفقيه محمَّد بن صالح العثيمين رحمه الله: -السُّؤال: إذا حجَّت المرأة بدون محرم فهل حجُّها صحيح؟ وهل الصَّبيُّ المميِّز يعتبر محرمًا؟ وما الَّذي يُشترط في المحرم؟ الجواب: حجُّها صحيح، لكن فعلها وسفرها بدون محرم محرَّم ومعصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّه ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ قال: «لاَ تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ». -والصَّغير الَّذي لم يبلغ ليس بمحرم؛ لأنَّه هو نفسه يحتاج إلى ولاية وإلى نظر، ومن كان كذلك فلا يمكن أن يكون ناظرًا أو وليًّا لغيره. والَّذي يشترط في المحرم أن يكون مسلمًا، ذكرًا، بالغًا، عاقلاً، فإذا لم يكن كذلك فإنَّه ليس بمحرم. -وهاهنا أمرٌ نأسف له كثيرًا وهو: تهاون بعض النِّساء في السَّفر بالطَّائرة بدون محرم، فإنَّهنَّ يتهاونَّ بذلك، تجد المرأة تسافر في الطَّائرة وحدها. -وتعليلهم لهذا الأمر يقولون: إنَّ محرمها يشيعها في المطار الَّذي أقلعت منه الطَّائرة، والمحرم الآخر يستقبلها في المطار الَّذي تهبط فيه الطَّائرة، وهي في الطَّائرة آمنة. -وهذه العلَّة عَلِيلَة في الواقع؛ فإنَّ محرمها الَّذي شيعها ليس يدخلها في الطَّائرة، وإنَّما يدخلها في صالة الانتظار. -وربَّما تتأخَّر الطَّائرة عن الإقلاع، فتبقى هذه المرأة ضائعة، وربما تطير الطَّائرة ولا تتمكَّن من الهبوط في المطار الَّذي تقصده لسبب من الأسباب، وتهبط في مكان آخر، فتضيع هذه المرأة، وربَّما تهبط في المطار الَّذي قصدته، ولكن لا يأتي محرمها الَّذي يستقبلها لسبب من الأسباب لمرض، أو نوم، أو حادث في سيَّارته منعه من الوصول، أو غير ذلك. -وإذا انتفت هذه الموانع كلُّها، ووصلت الطَّائرة في وقت وصولها، ووجد المحرم الَّذي يستقبلها، فإنَّه من الَّذي يكون إلى جانبها في الطَّائرة، قد يكون إلى جانبها رجل لا يخشى الله تعالى، ولا يرحم عباد الله، فَيُغْرِيها وتغترُّ به، ويحصل بذلك الفتنة والمحذور كما هو معلوم. فالواجب على المرأة أن تَتَّقيَ الله عز وجل، وأن لا تسافر إلاَّ مع ذي محرم، والواجب أيضًا على أولياء النِّساء من الرِّجال الَّذين جعلهم الله قوَّامين على النِّساء أن يتَّقوا الله عز وجل، وأن لا يفرِّطوا في محارمهم، وأن لا تذهب غيرَتُهم ودينُهم، فإنَّ الإنسان مسؤول عن أهله؛ لأنَّ الله تعالى جعلهم أمانة عنده، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون﴾ [التحريم: 6]([80]). ([1]) «مجموع الفتاوى» (34/129). ([2]) انظر: «فتح القدير» (2/330)، «شرح الأبهري لكتاب الجامع لابن عبد الحكم» (ص90)، «البيان والتَّحصيل» (4/28)، «المقدِّمات» (3/470)، «شرح الزّرقاني على موطَّأ مالك» (2/401)، «اختلاف الحديث» للشَّافعي (ص106)، «الحاوي الكبير» (4/365)، «المجموع» (7/70)، «شرح صحيح مسلم» للنَّووي (9/109)، «الإعلام» لابن الملقِّن (6/79)، «المغني» (5/30)، «المحلَّى» (7/50)، «البدر التَّمام» (2/514)، «سبل السَّلام» (2/372). ([3]) «إكمال المعلم» (4/446). ([4]) «المفهم» (3/450). ([5]) هذا النَّصُّ نقله المحبُّ الطَّبري عن البغوي في كتابه «القِرى» (ص70)، وابن حجر في «فتح الباري» (4/90)، وهو في «شرح السُّنَّة» المطبوع للبغوي (4/13)، لكن ليس فيه قول البغوي: «ولم يختلفوا أنَّها ليس لها الخروج في غير الفرض إلاَّ مع محرم» فلعلَّه مذكور في بعض النُّسخ دون بعض. ([6]) «فتح الباري» (4/90). ([7]) «شرح الزّرقاني على موطَّأ مالك» (4/392). ([8]) انظر: «اختلاف الحديث» (ص106)، «الحاوي الكبير» (4/363)، «المجموع» (7/70، 8/311)، «شرح صحيح مسلم» للنَّووي (9/109)، «فتح الباري» (4/90). ([9]) انظر: «بحر المذهب» (5/31). ([10]) «فتح الباري» (4/90). ([11]) انظر: «الفروع» (3/236)، «إكمال المعلم» (4/446)، «المفهم» (3/450)، «مواهب الجليل» (2/526)، ونقل عن ابن فرحون أنَّه قول العلاَّمة: «ابن راشد»، فيحتمل أن يكون قولاً لابن راشد المتوفى سنة 737هـ، ويحتمل أن يكون خطأً مطبعيًّا أو من النَّاسخ، والصَّواب «ابن رشد» كما نصَّ عليه هو في كتابه «المقدِّمات» (3/470)، وقال النفراوي: «ظاهر الحديث شموله للشابة والمتجالة، وقيده بعض الشيوخ لابن رشد بالشابة، وأما المتجالة فيجوز لها ذلك». [«الفواكه الدواني» (2/438)] ([12]) «الفروع» (3/236). ([13]) «مجموع الفتاوى» (26/13). ([14]) «الفروع» (3/236). ([15]) «المفهم» (3/450). ([16]) هذا القول لم يقله الباجي، ولم يحكه القاضي عياض عن الباجي كما ظنَّ النَّووي، وإنَّما نقله عياض في «إكمال المعلم» (4/446) عن غيره من المالكيَّة من غير نسبة، وقد نبَّه على هذا الخطأ العلاَّمة الحطاب، فقال بعد أن نقل نصَّ النَّووي المذكور أعلاه: وما ذكره عن الباجي إنَّما نقله في الإكمال عن غيره. «مواهب الجليل» (2/526)، وقال العلاَّمة الزّرقاني: ونقل عياض عن بعضهم لا عن الباجي كما زعم أنَّه في الشَّابَّة، أمَّا الكبيرة الَّتي لا تُشتهى فتسافر في كلِّ الأسفار بلا زوج ولا محرم. «شرح الزّرقاني على موطَّأ مالك» (4/392). وهو لابن رشد الجدِّ كما تقدَّم. ([17]) «شرح صحيح مسلم» (9/109). ([18]) سيأتي قريبًا تخريج الحديث وذكرُ ألفاظه ورواته عند ذكر الأدلَّة. ([19]) انظر: «بدائع الصَّنائع» (2/188)، «المفهم» (3/450). ([20]) انظر: «مراتب الإجماع» (ص75)، «المحلَّى» (7/36)، «الإقناع في مسائل الإجماع» (2/760)، «شرح صحيح مسلم» للنَّووي (9/108). ([21]) انظر: «مصنَّف ابن أبي شيبة» (3/366)، «الإشراف» (3/176)، «المحلَّى» (7/47)، «الاستذكار» (13/369)، «شرح السُّنَّة» (4/13)، «المغني» (5/30). ([22]) انظر: «شرح معاني الآثار» (2/116)، «تحفة الفقهاء» (1/387)، «الهداية مع فتح القدير» (1/330)، «الاختيار» (1/140). ([23]) انظر: «التَّبصرة» للَّخمي (2/ل101)، «التَّحرير والتَّحبير» (ص949)، «شرح القلشاني على الرِّسالة» (3/1333)، «شرح زرُّوق على الرِّسالة» (2/407)، «مواهب الجليل» (2/524). ([24]) انظر: «شرح ابن ناجي على الرِّسالة» (2/408)، «كفاية الطَّالب الرَّبَّاني» (2/450)، ولم يذكر الحطاب في «تحرير المقالة في شرح نظائر الرِّسالة» (ص184 ـ 209) هذه المسألة عند ذكر المسائل الَّتي خالف فيها ابن أبي زيد المشهور من المذهب، وتعقَّب العدوي في «حاشيته» أبا الحسن، فقال: «قصرها ـ يعني ابن أبي زيد ـ على مالك لكونها منسوبة له لا للتبري، والرَّاجح الجواز مع الرِّفقة المأمونة». [«حاشية العدوي على كفاية الطَّالب لأبي الحسن» (2/450)]، وقال النفراوي: «وكلام المصنِّف في تلك المسألة موافق للرَّاجح، وإنَّما قصرها على مالك؛ لكون المسألة منسوبة له لا للتبري من قوله فيها كما توهَّمه بعض الشُّرَّاح» [«الفواكه الدَّواني» (2/439)]. ([25]) انظر: «القِرى لقاصد أمِّ القرى» (ص70). ([26]) انظر: «مسائل الكوسج» (5/2079)، «مسائل أبي داود» (ص106)، «المحرَّر» (1/233)، «المغني» (5/30). ([27]) انظر: «مسائل الكوسج» (5/2080)، «الإشراف» (3/176)، «التَّمهيد» (21/50)، «شرح السُّنَّة» (4/13)، «المعاني البديعة» (1/350). ([28]) انظر: «اختلاف الفقهاء» لابن نصر (ص422)، «الإشراف» (3/176)، و«الإقناع» لابن المنذر (1/202)، «معالم السُّنن» (2/276)، «شرح السُّنَّة» (4/13)، «القِرى» (ص72)، «المعاني البديعة» (1/350). ([29]) انظر: «مجموع فتاوى ابن باز» (6/53)، «سلسلة الهدى والنُّور» (فتاوى الألباني: شريط رقم 93)، «مناسك الحجِّ والعمرة» لابن عثيمين (ص16)، «فتاوى أركان الإسلام» لابن عثيمين (ص507). ([30]) انظر: «شرح معاني الآثار» (2/115، 116)، «المحلَّى» (7/48)، «الاستذكار» (13/369)، «المسالك» (4/476)، «إكمال المعلم» (4/446)، «التَّحرير والتَّحبير» (ص948)، «معرفة السُّنن والآثار» (4/252)، «القِرى» (ص71). ([31]) انظر: «مصنَّف ابن أبي شيبة» (3/366)، «الإشراف» (3/176)، «المحلَّى» (7/48)، «الاستذكار» (13/369)، «المغني» (5/31). ([32]) انظر: «المحرَّر الوجيز» (3/174)، «أحكام القرآن» لابن الفرس (2/31)، «النَّوادر» (2/361)، «شرح القلشاني على الرِّسالة» (3/1333)، «التَّاج والإكليل» (2/521)، «مواهب الجليل» (2/523)، «حاشية العدوي على كفاية الطَّالب الرَّبَّاني لأبي الحسن» (2/450). ([33]) انظر: «حلية العلماء» (3/238)، «القِرى» (ص70)، «البيان» (4/35)، «المجموع» (7/69). ([34]) انظر: «المغني» (5/30)، «الفروع» (3/235)، «الإنصاف» (8/78). ([35]) انظر: «اختلاف الفقهاء» (ص422). ([36]) انظر: «المحلَّى» (7/48). ([37]) انظر: «موطَّأ مالك» (1/569)، «المسالك» (4/476)، «المنتقى» (3/82). ([38]) انظر: «حلية العلماء» (3/238)، «رحمة الأمَّة» (ص97)، «المجموع» (7/69)، «شرح صحيح مسلم» للنَّووي (9/108). ([39]) انظر: «المهذَّب مع المجموع» (7/68)، «الحاوي الكبير» (4/363)، «حلية العلماء» (3/238)، «بحر المذهب» (5/26، 30)، «المجموع» (7/69)، «فتح الباري» (4/90). ([40]) انظر: «الإشراف» لابن المنذر (3/176)، «الاستذكار» (13/369)، «التَّمهيد» (21/51)، «المحرَّر الوجيز» (3/174)، «المغني» (5/31). ([41]) أخرجهما مسلم (1338). ([42]) آنَقْنَني: أَعْجَبْنني، والأنَق بالفتح: الفرح والسُّرور، والشَّيء الأَنْيق: المُعْجِب. انظر: «مشارق الأنوار» (1/44)، «النِّهاية» (1/76). ([43]) أخرجه البخاري (1864) مطوَّلاً، ومسلم (1338) واللَّفظ له. ([44]) أخرجه مسلم (1340). ([45]) أخرجه مسلم (1338). ([46]) أخرجه البخاري (1088)، ومسلم (1339). ([47]) أخرجها مسلم (1339). ([48]) انظر: «التَّبصرة» للَّخمي (2/ل101)، «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق العيد (3/18). ([49]) أخرجه البخاري (1862، 3061)، ومسلم (1341) واللَّفظ له. ([50]) انظر: «أحكام القرآن» للطَّحاوي (2/16)، «أحكام القرآن» للجصَّاص (2/309)، «المبسوط» (4/111)، «الفروق» للسَّامري (1/286)، «شرح العمدة» لابن تيميَّة (2/174). ([51]) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» (15168). ([52]) «شرح معاني الآثار» (2/115). ([53]) «أحكام القرآن» (2/309). ([54]) أخرجه سعيد بن منصور في «سننه»، ومن طريقه ابن حزم في «المحلَّى» (7/52) عن حمَّاد بن زيد، عن عمرو ابن دينار، عن أبي معبد عنه به، والحديث تقدَّم تخريجه عند البخاري ومسلم، وقد رواه البخاري عن عارم أبي النُّعمان، وأبو داود الطَّيالسي في «مسنده» (2855)، والبيهقيُّ في «شعب الإيمان» (5440) من طريق سليمان ابن حرب، ثلاثتهم أبو النُّعمان وأبو داود الطَّيالسي وسليمان ابن حرب، عن حمَّاد بن زيد بهذا الإسناد، وفيه: «أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا» بدل: «نذرت أن أخرج في جيش كذا وكذا» وقد روى الحديث البخاري ومسلم من طريق ابن جريج، ومسلم من طريق سفيان بن عيينة كلاهما عن عمرو بن دينار بالإسناد المتقدِّم، وليس عندهما ذكر النَّذر الَّذي في رواية سعيد بن منصور، عن حمَّاد بن زيد، والله أعلم. ([55]) «فتح الباري» (4/92). ([56]) أخرجه عبد الرزَّاق كما في «المحلَّى» (7/51)، و«الاستذكار» (13/370)، والدَّارقطني في «سننه» (2408)، وقال ابن حجر في «فتح الباري» (4/90): صحَّحه أبو عوانة، وقال في «الدِّراية» (2/3): إسناده صحيح. ([57]) أخرجه البزَّار في «مسنده» كما في «نصب الرَّاية» (3/10) من طريق ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أنَّه سمع معبدًا مولى ابن عبَّاس ـ كذا، والصَّواب: أبا معبد مولى ابن عبَّاس ـ يحدِّث عن ابن عبَّاس به. ([58]) «المغني» (5/32). ([59]) «المحلَّى» (7/52). ([60]) «فتح الباري» (4/89). ([61]) أخرجه الدَّارقطني في «سننه» (2410) من طريق جابر، عن أبي معشر، عن سالم بن أبي الجعد عنه به، وجابر هو ابن يزيد الجعفي ضعيف الحديث جدًّا وبه أعلَّه ابن حجر في «الدِّراية» (2/4)، وأخرجه الطَّبراني في «المعجم الكبير» (8016) من وجه آخر عن المفضل بن صدقة أبي حمَّاد الحنفي، عن أبان بن أبي عيَّاش، عن أبي معشر التَّميمي، عن قزعة مولى زياد، عن أبي أمامة البَاهلي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَنْ تَحُجَّ إِلاَّ مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ»، قال الهيثمي: فيه المفضل بن صدقة، وهو متروك الحديث. «مجمع الزَّوائد» (1/304)، وأعلَّه ابن حجر بأبان بن أبي عيَّاش، وقال: متروك. «الدِّراية» (2/4)، فالحديث ضعيف جدًّا من الوجهين. ([62]) انظر: «المبسوط» (4/111)، «المجموع» (8/312)، «المغني» (5/32)، «الفروق» للسَّامري (1/286). ([63]) انظر: «المبسوط» (4/111)، «فتح القدير» (2/331). ([64]) انظر: «المبسوط» (4/111)، «الإعلام» لابن الملقِّن (6/77). ([65]) «التَّبصرة» (2/ل101). ([66]) الوَضم: كلُّ شيء وضعت عليه اللَّحم وقيته به من الأرض من خشب أو حصير أو غيره، وما دام اللَّحم على الوضم لا يمنع من تناوله أحد إلاَّ ما ذبَّ عنه، وقولهم: «إنَّ النِّساء لحم على وَضم» مثل من أمثال العرب: لأنَّهنَّ في الضّعف مثل ذلك اللَّحم الَّذي لا يمتنع من أحد إلاَّ أن يُذبَّ عنه. ورواه أبو عبيد في «غريب الحديث» (3/354) من قول عمر رضي الله عنه، انظر: «غريب الحديث» لابن قتيبة (2/326)، «مجمع الأمثال» (1/49). ([67]) «إكمال المعلم» (4/448). ([68]) «كشف المشكل» (2/343). ([69]) جزء من حديث أخرجه التِّرمذي في «سننه» (4/465)، والنَّسائي في «السُّنن الكبرى» (9219 ـ 9226)، وأحمد في «المسند» (1/26)، والحاكم في «المستدرك» (1/114)، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» (1/91)، من حديث عمر رضي الله عنه. قال التِّرمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وصحَّحه الحاكم على شرط الشَّيخين، ووافقه الذَّهبي، وصحَّحه الألباني في «إرواء الغليل» (1813). ([70]) «شرح العمدة» (2/175 ـ 177). ([71]) انظر: «التَّمهيد» (21/55)، «معرفة السُّنن والآثار» (4/254)، «إكمال المعلم» (4/447)، «شرح صحيح مسلم» للنَّووي (9/108)، «العدَّة» لابن العطَّار (2/957)، «التَّحرير والتَّحبير» بتحقيق عبد الله بن مرزوق السّحيمي (ص945)، «فتح القدير» لابن الهُمَام (2/331)، «شرح الزّركشي على متن الخِرَقِي» (2/83)، «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق العيد (3/19)، «الإعلام» لابن الملقِّن (6/75)، «فتح الباري» (4/90)، «عمدة القاري» (10/224)، «مواهب الجليل» (2/525)، «نيل الأوطار» (4/290). ([72]) «التَّمهيد» (21/55). ([73]) «شرح صحيح مسلم» (9/108). ([74]) «فتح الباري» (4/90). ([75]) «فيض القدير» (6/398). ([76]) انظر: «مجموع فتاوى ابن باز» (16/383، 385)، «فتاوى أركان الإسلام» لابن عثيمين (ص507)، «منهج التَّيسير المعاصر» (ص190) رسالة ماجستير/ إعداد الباحث: عبد الله بن إبراهيم الطّويل. ([77]) «مجموع فتاوى ابن باز» (16/383). ([78]) «فتاوى نور على الدَّرب» (3/1278). ([79]) «سلسلة الهدى والنُّور»، شريط رقم 93. ([80]) «فتاوى أركان الإسلام» (ص507 ـ 508).
راية الاصلاح تحت اشراف الشيخ الدكتور:رضا بو شامة-حفظه الله- | |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:30 pm | |
| °°((شروط وجوب الحج على المرأة وأحكام النيابة))°° الشيخ العلامة الدكتور/ صالح بن فوزان الفوزان -الحج يجب على المسلم ذكرا كان أم أنثى، لكن يشترط لوجوبه على المرأة زيادة عما سبق من الشروط وجود المحرم الذي يسافر معها لأدائه؛ لأنه لا يجوز لها السفر لحج ولا لغيره بدون محرم: لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " لا تسافر المرأة إلا مع محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم " رواه أحمد بإسناد صحيح. - وقال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني أريد أن أخرج في جيش كذا، وامرأتي تريد الحج، فقال: " اخرج معها "، وفي الصحيحين: " إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا، قال: " انطلق فحج معها "، وفي الصحيح وغيره: " لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم ". -فهذه جملة نصوص عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحرم على المرأة أن تسافر بدون محرم يسافر معها، سواء كان السفر للحج أو لغيره، وذلك لأجل سد الذريعة عن الفساد والافتتان منها وبها، قال الإمام أحمد -رحمه الله- : " المحرم من السبيل، فمن لم يكن لها محرم، لم يلزمها الحج بنفسها ولا بنائبها ". -ومحرم المرأة هو: زوجها، أو من يحرم عليه نكاحها تحريما مؤبدا بنسب، كأخيها وأبيها وعمها وابن أخيها وخالها، أو حرم عليه بسبب مباح، كأخ من رضاع أو بمصاهرة كزوج أمها وابن زوجها، لما في صحيح مسلم: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تسافر، إلا ومعها أبوها، أو ابنها، أو زوجها، أو ذو محرم منها ". -ونفقة محرمها في السفر عليها، فيشترط لوجوب الحج عليها أن تملك ما ينفق عليها وعلى محرمها ذهابا وإيابا. -ومن وجدت محرما، وفرطت بالتأخير حتى فقدته مع قدرتها المالية، انتظرت حصوله، فإن أيست من حصوله، استنابت من يحج عنها. -ومن وجب عليه الحج ثم مات قبل الحج، أخرج من تركته من رأس المال المقدار الذي يكفي للحج، واستنيب عنه من يؤديه عنه؛ لما روى البخاري عن ابن عباس: " أن امرأة قالت: يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها، قال: " نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء "؛ فدل الحديث على أن من مات وعليه حج، وجب على ولده أو وليه أن يحج عنه أو يجهز من يحج عنه من رأس مال الميت، كما يجب على وليه قضاء ديونه، وقد أجمعوا على أن دين الآدمي يقضى من رأس ماله، فكذا ما شبه به في القضاء، وفي حديث آخر: " إن أختي نذرت أن تحج "، وفي سنن الدارقطني: " إن أبي مات وعليه حجة الإسلام "، وظاهره أنه لا فرق بين الواجب بأصل الشرع والواجب بإيجابه على نفسه، سواء أوصى به أم لا. -والحج عن الغير يقع عن المحجوج عنه كأنه فعله بنفسه، ويكون الفاعل بمنزلة الوكيل، والنائب ينوي الإحرام عنه ويلبي عنه، ويكفيه أن ينوي النسك عنه، ولو لم يسمه في اللفظ، وإن جهل اسمه أو نسبه، لبى عمن سلم إليه المال ليحج عنه به. -ويستحب للمسلم أن يحج عن أبويه إن كانا ميتين أو حيين عاجزين عن الحج، ويقدم أمه؛ لأنها أحق بالبر. (الملخص الفقهي، للشيخ الدكتور صالح الفوزان:1/403-406) الموقع الرسمي لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان عضو اللجنة الدائمة للافتاء وعضو هيئة كبارالعلماء
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:34 pm | |
| فتاوى المرأة في الحج أولاً: سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ:
1-عنوان الفتوى: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه رخص للحائض والنفساء) السؤال: امرأة أدت مناسك الحج في يوم رمي الجمرة الكبرى، وقد حاضت؛ فما حكم طواف الإفاضة والوداع بالنسبة لها؟ الجواب: إذا رمت المرأة جمرة العقبة وقصرت من شعر رأسها حل لها كل شيء إلا الزوج، لكن يبقى الطواف بالبيت (طواف الإفاضة) وهو مرهون بالطهارة، فإن يسر الله لها طهرا قبل الارتحال من مكة أدت طواف الإفاضة، وإن لم يتيسر لها وذهبت إلى بلدها ثم عادت فلها ذلك، لكن لا يقربها زوجها حتى تؤدي طواف الإفاضة، أما لو أدت طواف الإفاضة وحاضت قبل أن تؤدي طواف الوداع فإن طواف الوداع يسقط عن الحائض؛ لأن ابن عباس - -رضي الله عنهما - قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه رخص للحائض والنفساء". 2-عنوان الفتوى: التوكيل في رمي الجمرات السؤال: هل يجوز رمي الجمرات عن والدي خوفا من الزحام؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا. الجواب: إن كان أبوك عاجزا ولا يقدر على الرمي فارم عنه، ولا مانع من ذلك، وإن كان بإمكانه الرمي عن نفسه فليرم عن نفسه. ( موقع سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ)
ثانياً: معالي الشيخ صالح اللحيدان:
1-عنوان الفتوى: حكم وضع المرأة للطيب في الحج السؤال: هل للمرأة وضع الطيب بحيث تشمه الرجال؟ الجواب: لا يحل للمرأة، لا في حجة ولا في غيره أن تتطيب وتختلط مع الرجال، كأن تكون في سيارة فيها نساء ورجال ويتطيب النساء، وإذا كان ذلك تستعمل الطيب الذي له لون ولا رائحة فيه، لعموم نهي النساء أن يتطيبن بالطيب ويخرجن من منازلهن، وطيب زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- وهن محرمات يناسب ذلك الوقت، لا يجتمع الناس في مركب واحد، ولا يكونون متلاصقة النساء في مراكبهن مع الرجال، وأما إذا خرجت للشارع ونهيت فلأن الرائحة تشيع في الشارع، اللواتي يؤمن أن يرجعن لبيوتهن ويغسلن الطيب الذي أصابهن، فإذا وضعت المرأة الطيب، إذا كانت مع محرمها في سيارة واحدة، وفي خيمة واحدة فلا حرج عليها أن تبقى، ويبقى فيها الطيب، وإذا كانت تركب في مركب مع يختلط فيه رجال ونساء، أو فيه خيمة يجتمع فيه رجال ونساء حرم عليها أن تتطيب طيبا يشمه الرجال. 2-عنوان الفتوى: هل وجود المحرم للمرأة هو شرط وجوب الحج عليها السؤال: هل وجود المحرم للمرأة هو شرط وجوب الحج عليها، إذا كانت من أهل مكة ؟ الجواب: وجود المحرم شرط للوجوب، والحاجة في المرأة في مكة يحتاج إلى محرم، لأن تنقلها من مكة إلى منى، ومن منى إلى عرفات، ومن عرفات إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى، هذه مدة زمنية، فحكمها حكم السفر، والسفر لا يشترط له أن تكون مسافة طويلة، لكن لو حجت وخرجت وراحت مع الناس وحجت، فالحج صحيح، وتأثم في المخالفة فقط. 3-عنوان الفتوى: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم). السؤال: والدتي تريد أن تحج مع حملة لوحدها، وفي الحملة قسم منفصل عن الرجال؛ فهل ذلك يجوز؟ الجواب: العلماء ذكروا أن فقد المرأة للمحرم يجعلها غير مستطيع فلا يجب عليها الحج، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم"؛ فلا يحل للمرأة أن تسافر سفرا إلا ومعها محرم، أو معها زوجها، أما لو حجت فهي تكون آثمة في سفرها بدون محرم، وإذا أدت مناسك الحج صحت، وصارت ممن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. 4-عنوان الفتوى: حكم من جامع بعد التحلل الأول السؤال: يقول السائل: من جامع بعد التحلل الأول، وقد طاف طواف الحج، فهل يلزمه إعادة الطواف، أم لا ؟ الجواب: من جامع بعد التحلل الأول، وكان من أسباب التحلل طواف الإفاضة، فإنه لا يعيده، يمكن أن يقع ذلك بأن ينصرف الإنسان من عرفات، من مزدلفة، ويبدأ بالحرم قبل مجيئه إلى منى فيطوف ، ثم يأتي إلى منى بعد طواف الإفاضة ويرمي الجمرة، فيجامع، فيكون جامع بعد التحلل الأول، وقبل التحلل الكامل، لا يعيد الطواف، الطواف الصحيح لأنه طاف قبل أن يتركب هذا المحظور. 5-عنوان الفتوى: حكم تكشف المرأة لوجهها أثناء الطواف السؤال: هل تكشف المرأة وجهها أثناء الطواف؟ الجواب:إذا لم يكن هناك رجالا يرون وجهها وينظرون إليه، كشفت، أما إذا كانوا ينظرون إلى وجهها، فإنها تستر وجهها، حتى ولو كان في حال الإحرام. 6-عنوان الفتوى: حكم توكيل المرأة بالحج السؤال : هل يجوز للمرأة أن تتوكل عن أبيها وعن أخيها بالحج كونها امرأة، أو لا يجوز ذلك إلا للرجل ؟ الجواب: يجوز، النبي -صلوات الله عليه وسلامه- في حجة الوداع عندما ركب راحلته ليتوجه إلى منى، وأردف معه الفضل بن عباس، أتت إليه امرأة من خثعم، وقالت: يا رسول الله إن أبي، إن فريضة الله على عبادة أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع الركوب ولا الضعن، أفأحج عنه؟، قال:"نعم"، فالسائلة امرأة في أن تحج عن أبيها رجل، فأفتاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجواز، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، يحج الرجل عن المرأة، وتحج المرأة عن الرجل، ولا إشكال في ذلك . 7-عنوان الفتوى: هل يجوز تمشيط شعر المرأة التي تنوي أن تضحي السؤال : هل يجوز تمشيط شعري المرأة، وهي ناوية للأضحية ؟ الجواب: بنسبة للأضحية، إذا دخل شهر ذي الحجة، فعلى من ينوي أن يضحي أن لا يمس شيء من شهره، ولا من أظفاره، ولا فرق بين الرجال والنساء في ذلك، فالذي يريد أن يضحي يهيئ نفسه قبل دخول يوم، أول يوم من أيام العشر يقصر، يقلم، يجزوا شاربه إلى غير ذلك، فإذا دخلت العشر يقف عن ذلك، وأما تسريح الشعر، ونزول شيء منه بسبب التسريح والمشاط فلا يضر . ثالثاً: معالي الشيخ عبد الله الغديان:
1-عنوان الفتوى: زوجتي أتتها الدورة في اليوم السابع من ذي الحجة فهل تؤدي الحج؟ السؤال: زوجتي أتتها الدورة في اليوم السابع من ذي الحجة؛ فهل لها أن تؤدي الحج أفتونا مأجورين؟ الجواب: المرأة إذا كانت حائض تؤدي جميع أعمال الحج؛ لكنها تؤخر الطواف والسعي؛ لأن السعي لا بد أن يكون بعد طواف صحيح تؤخره، وإذا طهرت تطوف طواف الإفاضة وتسعى سعي الحج، ثم تطوف للوداع وتسافر، نعم. أما الوقوف في عرفة ورمي الجمار؛ فهذه ما فيها شي. 2- عنوان الفتوى: حكم استعمال حبوب توقيف العادة في الحج السؤال: ما حكم استعمال حبوب توقف العادة في الحج؟ الجواب: أنا الذين يسألونني عن الحبوب ولا عن لولب أنا أقول لهم اتركوه لماذا لأنه يظهر له آثار سلبية بالنسبة للصلاة وبالنسبة للصيام يعني تختلف عادة المرأة يعني تضطرب عليها العادة في حال الصيام وكذلك في حال الصلاة فأنا أنصح بتركها. 3-عنوان الفتوى: حكم حج المرأة إذا مرت بالميقات وهي حائض السؤال:أردت أنا وزوجتي الحج، ولكن عندما وصلنا إلى الميقات جاءت الدورة أو العادة على زوجتي؛ فهل تحرم للحج أم لا؟ الجواب: المرأة إذا مرت الميقات تحرم وهي حائض تحرم؛ لكنها ما تدخل الحرم، إلا بعد الطهر سواء طهرت قبل الخروج إلى عرفة أو بعد النزول من عرفة. 4- عنوان الفتوى: حكم من تريد الحج بغير إذن زوجها السؤال: امرأة على خلاف مع زوجها وهي الآن ليست في بيته، ولكن لا تزال على ذمته وتريد أن تذهب إلى قضاء فريضة الحج مع أخيها وزوجها رافض أن تذهب هل يجوز ذهابها بدون أذن أو رغبة زوجها؟ الجواب: إذا كان هذا الحج حج فرض فليس له حق في منعها لأن حق الله مقدما على حقوق الخلق هذه قاعدة بالشريعة ما تختلف أبدا فلا يجوز لها حتى والدها أبوها لا يجوز لها أن يمنعها لا يجوز هذا أبدا أما إذا كان هذا حق نفل فينظر إذا كانت هي السبب لأن بعض النساء يكون فيها شي من العسر في التعامل مع الزوج أو التهاون أو إلى آخره إذا كانت هي السبب فيكون الحق مع الزوج ويمنعها من النفل وإذا كان هو السبب لأن بعض الرجال أيضا يكون سيء المعاملة سواء كان سيء المعاملة في القول أو في الفعل أو في التقصير بالمال أو غير ذلك من وجوه الأذى فإذا كان هو السبب فليس له حق من ناحية الإذن لأنه ظالم لها. 5- عنوان الفتوى: حكم من لديه زوجة تستطيع الحج وهو لا يريد الحج لعدم توفر المال السؤال: ما حكم من لديه زوجة تستطيع الحج وهو الزوج لا يستطيع الحج لعدم توفر المال؟ الجواب: المرأة إذا وجدت المال فالمحرم شرط من شروط استطاعة الحج فلو وجدت المال ولم تجد محرما لا يجب عليها الحج ولكن يمكن تعطيها أخته ويحج هي وإياها والحمد لله ما هي زوجته تعطيها فلوس. 6-عنوان الفتوى: رجل وامرأة يريدون الاشتراك في أضحية واحدة ؟ السؤال: رجل وامرأة يريدون الاشتراك في أضحية واحدة ؟ الجواب: نعم، جائز هذا . 7- عنوان الفتوى: حكم الاخوات الآتي يُردن التضحية عن أمهنّ السؤال: نساء أخوات تضحين عن أمهن؟ الجواب: جزاهم الله خير، ما فيه شي هذا. 8- عنوان الفتوى: حكم من يريد الحج عن الغير مقابل المال السؤال: رجل حج لنفسه، وبعد ذاك كلما يجد شخصا يريد أن يدفع له مبلغا ليحج عنه مقابل هذا المبلغ، ما حكمه الشرعي؟ الجواب: إذا كان يبي يعطى مبلغا عشان يحج عنه؛ لكن موب حج الفرض حج نفل، ما فيه مانع. 9- عنوان الفتوى: حكم من يُريد الحج مع زوجته من باب الإحسان لها السؤال: رجل يستطيع أن يحج لوحده، ولكن يرفض إلا أن يحج مع زوجته من باب الإحسان إليها، وحجه مع زوجته في الوقت الحالي غير مقدور عليه؟ الجواب: المرأة إذا كان عندها محرم يجب عليها أن تحج، وإذا كانت مستطيعة في المال ولا لها علاقة في الزوج والزوج متى ما استطاع وجب عليه.
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:35 pm | |
| أحكام الإحرام من الميقات -السؤال: -أكثر الحجاج الجزائريين لا يحرمون من الطائرة وإنّما يحرمون من ميقات المدينة، فهل يجزئهم ذلك، وما الذي يترتب على من تجاوز الميقات؟
-الجواب: -الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد: -ففي مسألة مواقيت الحج المكانية للإحرام يجدر التنبيه على مواضع مجمع عليها بين العلماء سواء قبل الميقات أو بعده وسواء لمن يريد الحج والعمرة ولمن لا يريدهما. - فإذا أحرم قبل الميقات فلا خلاف بين أهل العلم أنّه مُحرِم تثبت في حقه أحكام الإحرام(١)، ولكن الخلاف في مكان الأفضلية، والصحيح من قولي العلماء أنّ الأفضل الإحرام من الميقات ويكره قبله وبهذا قال مالك والحنابلة وبعض الشافعية خلافا لأبي حنيفة(٢). - أمّا إذا جاوز الميقات سواء عالما أو جاهلا، وهو يريد الحج والعمرة ولم يحرم فلا خلاف بين أهل العلم-أيضا- أنّه إذا رجع إلى الميقات فأحرم منه فلا شيء عليه(٣)، وإنّما الخلاف فيمن جاوز الميقات وأحرم دونه والصحيح من قولي العلماء أنّ عليه دما-أي: فدية ذبح شاة- سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع(٤). - أمّا إذا جاوز الميقات لحاجة يريد قضاءها وهو لا ينوي حجا ولا عمرة فالعلماء لا يختلفون في أنّه لا يلزمه الإحرام ولا يترتب على تركه للإحرام شيء، لكن لو طرأ عليه التفكير في الحج أو العمرة، ثمّ عزم على تنفيذ ما عزم عليه، فإنّه لا يشترط عليه الرجوع إلى الميقات بل يحرم من موضعه ولو كان دون الميقات ولا شيء عليه وهو أرجح قولي العلماء وبه قال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة رحمهم الله(٥). وبناء على ما تقدم، فلا يجوز لهؤلاء الحجاج القادمين من الجزائر أن يجاوزوا الميقات وهم يريدون الحج أو العمرة إلاّ محرمين(٦)، ولكن إن لم يحرموا بعد مجاوزة الميقات ورجعوا إلى ميقاتهم أو ميقات آخر فأحرموا منه فلا يلزمهم من أمر الفدية شيء، وكان الأولى أن يحرموا في الطائرة من ميقات الجحفة الذي يمرون به لقوله صلى الله عليه وسلم: «هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ»(٧). -والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا. الجزائر في: ٩ ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ الموافق ﻟ: ٢١ ديسمبر ٢٠٠٤م
(١) الإجماع لابن المنذر ٤١)، والمغني لابن قدامة(٣/ ٢٦٤). (٢) المغني لابن قدامة(٣/ ٢٦٤)، المجموع للنووي ٧/ ١٩٨)، الكافي لابن عبد البر ١/ ٣٨٠)، الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٧٠) (٣) المغني لابن قدامة ٣/ ٢٦٦). (٤) وهو مذهب المالكية والحنابلة، انظر: المدونة لابن القاسم ١/ ٣٧٢)، الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٧٠)، الإنصاف للمرداوي ٣/ ٢٢٩)، خلافا لمذهب أبي حنيفة والشافعي، انظر المجموع للنووي ٧/ ٢٠٨). (٥) المغني لابن قدامة ٣/ ٢٦٧). (٦) ذكر النووي الإجماع على تحريم مجاوزة الآفاقي الميقات وهو يريد الحج أو العمرة غير محرم، المجموع للنووي ٧/ ٢٠٦). (٧) أخرجه البخاري (١٥٢٤)، ومسلم (١١٨١)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:38 pm | |
| البقاء في الأرض الحجازية أكثر من المدة المعينة -السؤال: -بعض الناس يبقى لأداء مناسك الحج بعد شهر رمضان من غير ترخيص من الجهات المعنية من الأراضي الحجازية، فما حكم هذا الفعل؟ -الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد: -فلا يخفى ما يترتب على بقاء كل معتمر قادم من كلّ بلد في الأراضي الحجازية من إخلال بالتنظيم العام وما يجره من مفاسد كظاهرة التسول والسرقة وغيرهما، لذلك كانت تأشيرة الحج أو العمرة مقرونة بمدة محددة لا يتجاوزها إلاّ بترخيص آخر تنظيما لفئة المعتمرين لتحسين وضعيتهم ضمن الوضع العام الأمر الذي يجعل هذا التصرف ملزما على المعتمرين ويجب عليهم تنفيذه والوفاء به لعلتين: - الأولى: أنّ تصرف الإمام الحاكم أو نوَّابه بتوقيت المدة وتحديد العدد مبني على مصلحة الجماعة وخيرها، فكانت تصرفاته واجبة التنفيذ ومُلزِمة على من تحت رعايته بناء على قاعدة: «التَّصَرُّفُ فِي الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالمَصْلَحَةِ»(١)، وأصل هذه القاعدة قول الشافعي رحمه الله: «منزلة الإمام في الرعية منزلة الولي من اليتيم»(٢)، وهذا الأصل مأخوذ من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم: إن احتجتُ أخذت منه، فإذا أيسرتُ رددته، فإن استغنيت استعففت»، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»(٣). - الثانية: أنّ إعطاء تأشيرة للمعني بالأمر مشروطة بعهد هو بقاؤه لتلك المدة المحددة، والعهد يجب الوفاء به لقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً﴾[الإسراء:٣٤]، وقوله تعالى:﴿وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾[البقرة:١٧٧]. -وبناء عليه، فإنّه ينبغي على المعني بالأمر أن يسعى لتحصيل تأشيرة الحج ابتداء قبل طلبه لتأشيرة العمرة حتى يسعه تأدية المناسك الواجبة عليه على الوجه المطلوب، فإن تعسَّر أخذ تأشيرة إلاّ لعمرة راعى شرطها، غير أنّه إن بقي إلى وقت الحج وخالف من غير ترخيص، فحجُّه صحيح ولا تقدح في صحته هذه المخالفة وبخاصَّة إن كان ذلك-في حقِّه- حجَّةَ الإسلام. -والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما. الجزائر في: ١٥ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ الموافق ﻟ: ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٤م
(١) انظر هذه القاعدة في: المنثور للزركشي ١/ ١٨٣)، الأشباه والنظائر للسيوطي ١٣٤)، مجموع الحقائق للخادمي ٣١٦)، الوجيز للبورنو ٢٩٢).
(٢) انظر المنثور للزركشي ١/ ١٨٣).
(٣) أخرجه البخاري في الأحكام (٧١٣٨)، ومسلم في الإمارة(١٨٢٩)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:39 pm | |
| ما يلبس المحرم إذا لم يجد لباس الإحرام -السؤال: -ما حكم من اعتمر أو حج من غير لباس الإحرام؟ -الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد: فإنّ المحرم الذي وجد الإزار والرداء لا يجوز له لبس المخيط -وهو ما كان مفصلا على قدر عضو البدن- فلا يلبس القُمُص ولا السراويل ولا العمائم ولا الخفاف ولا الجوارب لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أنّ رجلا قال: يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلبس القُمُص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرنس ولا الخفاف إلاّ أحد لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسّه زعفران أو ورس»(١)، ومن خالف تلزمه الفدية. -أمّا من لم يجد إلاّ السراويل والخفين أو تعذر عليه لبس الإزار والرداء لوجودهما ضمن متاعه وعفشه في الطائرة أرسلهما سهوا ونسيانا ومرّ على الميقات فأحرم بدونهما صحّ إحرامه ولا يلزمه شيء ويكفيه أن يلبس ما وجده ولا يجب عليه أن يشق السراويل فيتزر بها -كما هو رأي الأحناف- لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فقال: «من لم يجد الإزار فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين»(٢)، والحديث صريح في الجواز ولو لزمه شيء لبيّنه لأنّه في معرض البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو مقرر في علم الأصول. -والعلم عند الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.
الجزائر في: ١٥ ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ الموافق ﻟ: ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٤م
(١) أخرجه البخاري في «الحج»: (١٥٤٢)، ومسلم في «الحج»: (٢٨٤٨)، والترمذي في «الحج»: (٨٤٢)، والنسائي في «مناسك الحج»: (٢٦٨١)، وابن ماجة في «المناسك»: (٣٠٤١)، ومالك في «الموطأ»: (٧١٥)، وأحمد: (٥٢٨٦)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه البخاري في «جزاء الصيد»: (١٨٤٣)، ومسلم في «الحج»: (٢٨٥١)، والترمذي في «الحج»: (٨٤٣)، والنسائي في «اللباس»: (٥٣٤٢)، وأحمد: (١٨٧٦)، والدارقطني في «سننه»: (٢٤٩٣)، والبيهقي: (٩٣٣١)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:41 pm | |
| في حكم المصانعة بمال لأجل تأشيرة الحج
-السؤال:
-ما حكم إعطاء مال مقابل الحصول على تأشيرة الحج، وبخاصة مع فرض بعض وكالات السفر لذلك؟
-وهل التنازل المفروض لدخول البقاع المقدسة في الحجاز من أجل أداء مناسك الحج مشروع أم لا؟ -الجواب:
-الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد: فإن كانت الجهات المعنية تفرض مالا على شكل ضرائب ورسوم لمنح تأشيرة أو رخصة مقابل أداء مناسك الحج أو العمرة، ولا يستطيع المكلف من أداء هذه العبادة إلاّ بدفع المال، فله أن يدفعه والإثم على الآخذ دون المعطي، لأنّ المال المكتسب بهذه الطريقة غير مشروع ولو أذن فيه المالك جريا على قاعدة: «الأَصْلُ فِي الأَمْوَالِ التَّحْرِيمُ»، و«لاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَحَدٍ بِلاَ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ» لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكَلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾ [النساء:٢٩]، وقد وردت نصوص كثيرة تمنع أخذ مال المسلم إلاّ ما طابت له نفسه ورضي به سواء كان ظلما أو غصبا أو نهبا أو نحوها. -ولا يتدرع بترك أداء الحج أو العمرة من أجل الرسوم والضرائب المفروضة، فليست -في الحقيقة- عذرا مانعا لأداء المناسك إن كان قادرا عليها، ولا يلحقه إثم إن لم يرض بها. والجواب على السؤال الثاني كالأول لتقاربهما. -والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّ اللّهم على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما. الجزائر في: ٦ ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ الموافق ﻟ: ١٨ ديسمبر ٢٠٠٤م الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:42 pm | |
| في حكم تارك رمي الجمار في الحج السؤال:
-امرأة حجت بيت الله الحرام وأثناء الرمي وقع زحام أدى إلى وفاة بعض الحجيج فاستغنت [هي] عن الرمي خوفا من الزحام والإذاية وأتمّت أركانها الباقية. -فما حكم حجها؟ وهل في ذمتها شيء؟ وهل يجوز الاستخلاف في الرمي؟ -الجواب:
-الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد: -فإنّ رمي الجمار في منى ليس بركن وإنّما حكمه الوجوب على أرجح أقوال أهل العلم وهو مذهب الجمهور ودليل وجوبه السنة القولية والفعلية، فقد ثبت من حديث جابر رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: لتأخذوا عني مناسككم فإنّي لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه" (١) وفي رواية أخرى "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرمي الجمار بمثل حصى ... في حجة الوداع"(٢). -وعليه فإنّ ترك رمي الجمار في الحج يجبر بالدم، لأنّ ترك الواجبات في الحج تستوجب الدم لإرادة جبره، وكان عليها -حال أدائها للحج- عند العجز عن الرمي في الحال أن تؤخره إلى الليل أو ما بعده من أيام التشريق ولا شيء عليها على أرجح قولي العلماء وهو مذهب الشافعي وأحمد وأبي يوسف وغيرهم لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول:"لا حرج"، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: "اذبح ولا حرج" وقال: رميت بعد ما أمسيت؟ فقال: "لا حرج" (٣) أن تستنيب غيرها، فلو استنابت لسقط عنها الإثم والدم، أمّا بعد انتهاء مدة الرمي في حجها فلا يسعها أن تستنيب، وتبقى ذمتها مشغولة بالدم، وحجها صحيح-إن شاء الله تعالى-. -والعلم عند الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. الجزائر في: ٤ من ذي الحجة ١٤٢٢ﻫ الموافق ﻟ: ١٦ فيفري ٢٠٠٢م
(١) أخرجه مسلم في «الحج»: (٣١٩٧)، وأبو داود في «المناسك»: (١٩٧٢)، وأحمد: (١٤٩٩٢)، والبيهقي: (٩٨٢٦)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(٢) أخرجه الدارمي: (١٩٥٠)، من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي رضي الله عنه.
(٣) أخرجه البخاري في «الحج»: (١٧٣٥)، وأبو داود في «المناسك»: (١٩٨٥)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:44 pm | |
| في أفضلية أنواع الإحرام في الحج -السؤال:
-ما هو النسك الأولى بالعمل من الأنساك الثلاثة؟ وهل صحيح أنّ الإفراد الذي هو النسك المفضل عند مالك وظاهر مذهب الشافعي أنّ من أفرد به يجب عليه أن يفسخه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا. -الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد: فالمعلوم أنّ الحج له كيفيات ثلاث وهي: - الإفراد وهو أن يهل الحاج بالحج فقط عند إحرامه، -والقران: وهو أن يهل بالحج والعمرة معا، -والتمتع: وهو أن يهل الحاج بالعمرة فقط في أشهر الحج ثمّ يحرم بالحج ويأتي بأعماله في نفس العام، والقارن والمتمتع يجب عليهما الهدي بالإجماع. -فهذه الأنواع الثلاثة كانت جائزة ابتداء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حيث خيرهم فيها على ما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل" (١) الحديث. -ثمّ بعد هذا التخيير ندب من لم يسق الهدي إلى نسك التمتع دون أن يفرضه عليهم فقالت عائشة رضي الله عنها: "فنزلنا سرِف [وهو موضع قريب من التنعيم] فخرج إلى أصحابه فقال: «من لم يكن منكم أهدى، فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه الهدي فلا» قالت: فالآخذ بها والتارك لها من أصحابه"(٢)، وعند ابن عباس رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى ذي طوى [موضع قريب من مكة] وبات بها، فلمّا أصبح قال لهم:«من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة»(٣). -ثمّ أمر من لم يسق الهدي منهم بأن يفسخوا الحج إلى عمرة وفرض عليهم أن يتحللوا، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله أيّ الحلّ؟ قال: الحلّ كلّه" (٤)، وفي رواية عائشة رضي الله عنها قالت: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلاّ الحج، فلمّا قدمنا مكة تطوفنا بالبيت، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي أن يحل قالت: فحلّ من لم يكن ساق الهدي، ونساؤه لم يسقن الهدي فأحللن... " (٥)، ولا يدل تحتيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفسخ الحج إلى العمرة وعزمه عليهم بها، وتعاظم ذلك عندهم إلاّ الوجوب، فضلا عن غضبه صلى الله عليه وآله وسلم لما راجعوه وتراخوا عن العمل بالمأمور به، ولا يكون الغضب إلاّ من أمر واجب العمل والتطبيق، وقد ورد من حديث عائشة رضي الله عنها: "فدخل عليّ وهو غضبان، فقلت من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار" فقال:«أو ما شعرت أنّي أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون... »(٦). -وهذا ليس خاصا بهم لأنّهم لما سألوه عن الفسخ الذي أمرهم به: "ألعامنا هذا، أم لأبد الأبد؟"، فشبك صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، لا بل لأبد أبد، لا بل لأبد أبد» (٧). -وليس أمره صلى الله عليه وآله وسلم بفسخ الحج إلى العمرة لبيان جواز العمرة في أشهر الحج، لأنّ ذلك البيان وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك حيث اعتمر ثلاث عمر، كلها في أشهر الحج، ولو سلم أنّ الأمر بالفسخ لهذه العلة، فما فعله صلى الله عليه وآله وسلم مخالفة لأهل الشرك مشروع إلى يوم القيامة. -ولذلك يذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التمتع على من لم يسق الهدي، وأنّه إذا طاف وسعى فقد حلّ شاء أم أبى وهو مذهب ابن عباس وأبي موسى الأشعري وهو مذهب ابن حزم (٨) وابن القيم (٩) وغيرهما. - والمسالة خلافية والجمهور على جواز الأنساك الثلاثة. -غير أنّ صفة الإفراد المعروفة بأن يحرم بالحج ثمّ بعد الفراغ يخرج إلى أدنى الحل فيحرم منه بالعمرة فهذا الإفراد لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة الذين حجوا معه، بل ولا غيرهم-كما نصّ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- فمثل هذه الصفة لا تكون أفضل ممّا فعلوه معهم، وإنّما المقصود بالإفراد الذي فعله الخلفاء الراشدون [أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم]، وهو أن يفرد الحج بسفرة، والعمرة بسفرة، وهو أفضل من القران والتمتع الخاص بسفرة واحدة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة لما قالت: يا رسول الله يصدر النّاس بنسكين وأصدر بنسك؟فقال: «فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي ثمّ ائتينا بمكان كذا، ولكنّها على قدر نفقتك أو نصبك»(١٠)، فهذا هو أفضل الأنواع بالنظر للصعوبة والمشقة المقترنة بتلك العبادة، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه في قول الله: ﴿وَأَتِمُّوا الحجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾[البقرة:١٩٦]"من تمامهما أن تفرد كلّ واحد منهما من الآخر، وتعتمر في غير أشهر الحج" (١١)، وجاء عن علي رضي الله عنه أنّه قال في الآية: "من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك" (١٢). -فهذا الذي واظب عليه الخلفاء الراشدون فقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "افصلوا حجكم عن عمرتكم، فإنّه أتمّ لحجكم وأتمّ لعمرتكم"(١٣). - فإن أراد أن يجمع بين النسكين (الحج والعمرة) بسفرة واحدة وقدم إلى مكة في أشهر الحج ولم يسق الهدي فالتمتع أفضل له، لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أصحابه الذين حجوا معه أن يفسخوا الحج إلى عمرة ويتحللوا فنقلهم من الإفراد إلى التمتع ولا ينقلهم إلاّ إلى الأفضل، لأنّهم أفضل الأمّة بعده، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر رضي الله عنه بعدما أمرهم أن يتحللوا من إحرامهم ويجعلوها متعة: «افعلوا ما أمرتكم به، فلولا أنّي سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به»(١٤). - أمّا إذا أراد أن يجمع بين النسكين بسفرة واحدة ويسوق الهدي فالقران أفضل، لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ساق الهدي وقرن وفِعله أفضل اقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم، لأنّ الله اختار له الأفضل، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ إنّ هدي القارن من الحل أفضل باتفاق ممّن يشتريه من الحرم، وهذا الترتيب في الأفضلية من أنّ الإفراد أفضل إذا أفرد الحج بسفرة والعمرة بسفرة، أمّا إذا كان بسفرة واحدة فالقران أفضل لمن ساق الهدي، وإن لم يسق الهدي فالتمتع أفضل، وهو تفصيل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وفيه تجتمع الأدلة ويزول الاضطراب بين الفقهاء، فقدم أفضل النسك باعتبار المشقة والصعوبة ثمّ بحسب سوق الهدي من عدمه فلكل واحد أفضليته في موضعه ومناسبته، ولا يعترض عليه بقوله صلى الله عليه وسلم:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة» (١٥)، على أفضلية التمتع لأنّ صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل: "لتمتعت مع سوق الهدي" وإنّما غاية ما يدل عليه أنّه لو كان ذلك هو وقت إحرامه لكان أحرم بعمرة ولم يسق الهدي وهو لا يختار أن ينتقل من الأفضل إلى المفضول وخاصّة وقد ساق صلى الله عليه وسلم مائة بدنة مع ما فيه من تعظيم شعائر الله أفضل في نفسه بمجرد التحلل والإحرام، فالسنة-إذن- جاءت بتفضيل كلّ بحسبه ومناسبته وموضعه على ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية (١٦). -والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٣ صفر ١٤٢٦ﻫ الموافق ﻟ: ٠٢ أفريل ٢٠٠٥م
(١) أخرجه مسلم في الحج(٢٩٧١)، وأبو داود في المناسك (١٧٨٠)، والنسائي في مناسك الحج(٢٧٢٩)، والحميدي في مسنده(٢١٣)، والبيهقي(٩٠٤٦)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه البخاري في الحج(١٥٦٠)، ومسلم في الحج(٢٩٨٠)،وأبو داود في المناسك(١٧٨٤)، وأحمد(٢٦٥٨٩)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) أخرجه مسلم في الحج(٣٠٦٩)، والبيهقي(٩٠٧٤)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار(٣٨٣٢)، ومسلم في الحج(٣٠٦٨)، والنسائي في مناسك الحج(٢٨٢٥)، وأحمد(٢٣١٤)، والبيهقي(٨٩٩٤)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
(٥) أخرجه البخاري في الحج(١٥٦١)، ومسلم في الحج(٢٩٨٨)، والنسائي في مناسك الحج(٢٨١٥)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٦) أخرجه مسلم في الحج(٢٩٩٠)، وأحمد(٢٦١٦٧)، والبيهقي(٩١٢٥)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٧) أخرجه ابن ماجة في المناسك(٣٠٩٤)، من حديث جابر رضي الله عنه. وصححه الألباني في حجة النبي صلى الله عليه وسلم (ص:١٤)
(٨) المحلى لابن حزم ٧/ ٩٩).
(٩) زاد المعاد لابن القيم ٢/ ١١٤).
(١٠) أخرجه البخاري في العمرة(١٧٨٧)، ومسلم في الحج(٢٩٨٦)، وأحمد(٢٤٨٨٨)، والبيهقي(٨٩١٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(١١) انظر تفسير ابن كثير ١/ ٢٣٠).
(١٢) أخرجه البيهقي(٨٩٦٧) موقوفا عن علي رضي الله عنه، وأخرجه كذلك (٨٩٦٥) عن أبي هريرة مرفوعا، ولا يصح. قال الألباني في السلسلة الضعيفة(١/ ٣٧٦) رقم ٢١٠):"وقد رواه البيهقي من طريق عبد الله بن سلمة المرادي عن علي موقوفا ورجاله ثقات، إلاّ أنّ المرادي هذا كان تغير حفظه. وعلى كلّ حال، هذا أصح من المرفوع".
(١٣) أخرجه مالك(٧٧٢)، والبيهقي(١٤٥٥٤).
(١٤) أخرجه البخاري في الحج(١٥٦٨)، ومسلم في الحج(٣٠٠٤)، وأحمد(١٤٦٠٨)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(١٥) أخرجه أبو داود في المناسك(١٩٠٧)، والنسائي في مناسك الحج(٢٧٢٤)، وأحمد(١٤٨١٤)، والدارمي(١٩٠٣)، من حديث جابر رضي الله عنه. وانظر: "حجة النبي صلى الله عليه وسلم" للألباني(ص:٦٤).
(١٦) المجموع لابن تيمية ٢٦/ ٨٠ وما بعدها). الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:50 pm | |
| في شمول حكم الدفع من مزدلفة ليلا للمرافقين للضعفة -السؤال:
-هل للطبيب ولمرافقي الضعفة الدفع من مزدلفة بالليل؟ -الجواب:
-الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد: فيجوز للضعفة من النساء والصبية والعجزة ونحوهم أن يخرجوا من مزدلفة قبل طلوع الفجر وزحمة الناس على وجه الرخصة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أذن لضعفة الناس من المزدلفة بليل"(١) وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لسودة بنت زمعة(٢) -زوج النبي صلى الله عليه وسلم- وأمّ حبيبة رضي الله عنها(٣) وغيرهما أن يدفعوا قبل أن يدفع الإمام، ويشمل هذا الخروج من مزدلفة بليل مرافقي النساء والعجزة الذين يقومون بخدمتهم ورعايتهم وإسعافهم، فقد روى مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في الضعفة من جمع بليل"(٤)، وروى البخاري عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، وفيه:"أنّه خرج مع أسماء من مزدلفة بغلس إلى منى"(٥)، غير أنّه إذا تحققت الرخصة للمرأة وأمنت في خروجها من مزدلفة بالمرافق الواحد من زوج أو ذي محرم فلا يسع لكل محارمها، وإذا كان الضعيف أو المريض يحتاج من يسعفه من أهل الإسعاف والطب إن تحققت حاجته بالواحد فتسعه الرخصة ولا تسع الجميع لأنّ "الأمر إذا ضاق اتسع" و"إذا اتسع ضاق"، وهذا كلّه إذا خشي الضعفة حطمة الناس لئلا يتأذوا بالزحام، ولكن إذا أمنوا منه، فالمستحب في حقهم المبيت بمزدلفة. -والعلم عند الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما. الجزائر في: ٠٦ربيع الأول١٤٢٦ﻫ الموافـق ﻟ: ١٥ أفريل ٢٠٠٥م
(١) أخرجه أحمد(٥٠٠٣)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.وأخرجه النسائي في الكبير(٤٠٣٧)، وأخرجه بنحوه مطولا البخاري(١٦٧٦)، ومسلم(١٢٩٥/ ٣٠٤)، وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري(١٦٧٧)،(١٦٧٨)، ومسلم(٢٩٣)، وعن عائشة رضي الله عنها عند البخاري(١٦٨٠)، ومسلم(١٢٩٠)، وعن أسماء بنت الصديق رضي الله عنهما عند البخاري(١٦٧٩)، ومسلم(١٢٩١)، وعن أمّ حبيبة رضي الله عنها عند مسلم(١٢٩٢). (٢) أخرجه البخاري في الحج(١٦٨١)، ومسلم في الحج(٣١٧٨)، والبيهقي(٩٧٨٥)،من حديث عائشة رضي الله عنها. (٣) أخرجه مسلم في الحج(٣١٨٤)، وأحمد(٢٧٥٣٣)، والدارمي(١٩٣٨)، من حديث أمّ حبيبة رضي الله عنها. (٤) أخرجه البخاري في الحج(١٦٧٧)، ومسلم في الحج(٣١٨٦)، والترمذي في الحج(٩٠١)، وأحمد(٢٢٤٢)، والبيهقي(٩٧٨٢)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. (٥) أخرجه البخاري في الحج،(١٦٧٩)، ومسلم في الحج(٣١٨٢)، والنسائي في المناسك(٣٠٦٣)، ومالك(٨٨١)، من حديث عبد الله مولى أسماء رضي الله عنها. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:51 pm | |
| وقت الإجزاء في رمي جمرة العقبة للقادرين والضعفة -السؤال:
-ما هو وقت الإجزاء في رمي جمرة العقبة؟ وهل للضعفة وغير القادرين ولمن كان في حكمهم-لمن دفع من مزدلفة بليل- رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس؟ -الجواب:
-الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد: فالسنة أن لا يرمي الحاج إلاّ بعد طلوع الشمس ضحى لما أخرجه البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وفيه:"رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال"(١) وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم تحمل على الوجوب لمكان حديث:"خذوا عنّي مناسككم"(٢) إلاّ إذا قام الدليل على صرفها عن الوجوب، ويقوي ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أذن للضعفة من أهله بالخروج من مزدلفة ليلا إلى منى وأمرهم بأن لا يرموا الجمرة إلاّ بعد طلوع الشمس، كما صح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء أهله بغلس، ويأمرهم-يعني- لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس"(٣)، ذلك لأنّ وقت الرمي النهار دون الليل لذلك وصفت الأيام بالرمي دون الليل في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة:٢٠٣]، قال الباجي-رحمه الله-: "فوصفت الأيام بأنّها معدودات للجمار المعدودات فيها، فلا يجوز الرمي بالليل، فمن رمى ليلا أعاد". -هذا وإذا كان حكم المبيت بمزدلفة والرمي بعد طلوع الشمس واجبا على الصحيح فإنّه غير واجب على الضعفة المرخص لهم تخلصا من الازدحام، لأنّ الأحاديث الواردة بالرمي قبل الفجر أو بعده قبل طلوع الشمس أفادت الرخصة للنساء ومن في معناهن، لما رواه البخاري ومسلم عن سالم أنّه قال: "وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المعشر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثمّ يرجعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإن قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول:«أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم»"(٤)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما:"أنّ النبي صلى الله عليه وسلم بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر، فرموا الجمرة مع الفجر"(٥)، وعن أسماء رضي الله عنها:"أنّها رمت الجمرة، قلت: إنّا رمينا الجمرة بليل؟ قالت: إنّا كنّا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"(٦)، ولأنّ القياس الصحيح يقتضيه لكونه وقتا للدفع من مزدلفة فكان وقتا للرمي كبعد طلوع الشمس، قال الشوكاني:"والأدلة تدلّ على أنّ وقت الرمي من بعد طلوع الشمس لمن كان لا رخصة له، ومن كان له رخصة كالنساء وغيرهن من الضعفة جاز قبل ذلك، ولكنّه لا يجزئ في أول ليلة النحر إجماعا"(٧). -هذا، أمّا ظاهر التعارض بين حديث ابن عباس السابق وفيه: "فأمرهم أن لا يرموا حتى تطلع الشمس"، وعنه رضي الله عنهما قال:"قدّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أُغيلمة بني عبد المطلب على جمرات، فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول: أُبَيْنيّ، لاترموا الجمرة حتى تطلع الشمس"(٨) بينه وبين الأحاديث المرخصة للرمي بليل قبل الفجر أو بعده قبل طلوع الشمس فقد جمع بينهما ابن القيم-رحمه الله- بحمل أول وقته للضعفة من طلوع الفجر، ولغيرهم بعد طلوع الشمس فيكون نهيه للصبيان عن رمي الجمرة حتى تطلع الشمس، لأنّه لا عذر لهم في تقديم الرمي، ورخص للنساء في الرمي قبل طلوع الشمس، كما في حديث ابن عمر وأسماء وغيرهما. أمّا ابن قدامة-رحمه الله- فحمل الأخبار المتقدمة على الاستحباب والأخرى على الجواز(٩)، وبه تتوافق الأحاديث المتعارضة ظاهرا وتجتمع. -والعلم عند الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما. الجزائر في:٠٦ربيع الأول١٤٢٦ﻫ الموافـق ﻟ: ١٥ أفريل ٢٠٠٥م
(١) أخرجه البخاري في الحج، باب رمي الجمار، ومسلم في الحج(٣٢٠١)، وأبو داود في المناسك(١٩٧٣)، والنسائي في مناسك الحج(٣٠٦٧)، والترمذي في الحج(٩٠٣)، وابن ماجه في المناسك(٣١٦٩)، وأحمد(١٤٧٢٧)، والدارقطني في سننه(٢٧١٣)، والبيهقي(٩٨٣٨)، من حديث جابر رضي الله عنه. -قال ابن عبد البر:"أجمع العلماء على أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّما رماها ضحى ذلك اليوم"(المغني لابن قدامة:٣/ ٤٢٨). (٢) أخرجه مسلم في الحج(٣١٩٧)، وأبو داود في المناسك(١٩٧٢)، والنسائي في مناسك الحج(٣٠٧٥)، وأحمد(١٤٧٠٩٣)، من حديث جابر رضي الله عنه. (٣) أخرجه أبو داود في المناسك(١٩٤٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وصححه الألباني في صحيح أبي داود(٢/ ١٩٤). (٤) أخرجه البخاري في الحج(١٦٧٦)، ومسلم في الحج(٣١٩٠)، والبيهقي(٩٧٨٣)، من حديث ابن عمر رضي الله عهما. (٥) أخرجه أحمد(٢٩٩٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عهما. (٦) أخرجه أبو داود في المناسك(١٩٤٥)، والبيهقي(٩٨٤٥)، من حديث أسماء رضي الله عنها. وصححه الألباني في صحيح أبي داود(٢/ ١٩٥). (٧) نيل الأوطار للشوكاني ٦/ ١٦٨). (٨) أخرجه أبو داود في المناسك(١٩٤٢)، والنسائي في مناسك الحج(٣٠٧٧)، وابن ماجه في المناسك(٣١٤٠)، وأحمد(٢١١٥)، والحميدي في مسنده(٤٩٣)، والبيهقي(٩٨٣٩)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وصححه الألباني في المشكاة(٢٦١٣). (٩) المغني لابن قدامة ٣/ ٤٢٨). الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:52 pm | |
| في مشروعية الوتر وسنة الفجر للحاج بمزدلفة -السؤال:
-هل يشرع للحاج بمزدلفة أن يصلي صلاة الوتر ورغيبة الفجر؟ -الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد: فيجوز للحاج أن يصلي الوتر وسنة الفجر لأنّ الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يرد الدليل على خلاف ذلك، وقد ثبتت أحاديث في الوتر وسنة الفجر منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا"(١) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها"(٢) وكذلك فعله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه كان لا يدع الوتر وركعتي الفجر لا في حضر ولا في سفر، فدلت هذه الأحاديث الصحيحة بعمومها على الصحة والجواز ولم يرد ما يخصصها أو يستثنيها، أمّا الأحاديث الواردة في صفة حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه لم يذكر فيها الوتر ولا راتبة الفجر منها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما "أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد، وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا ثمّ اضطجع حتى طلع الفجر"(٣) فإنّه لم يرد فيها ما يوجب تركهما أو النهي عنهما، والأصل استصحاب عموم النصوص السابقة المثبتة لهما، وذلك باستدامة ما كان ثابتا حتى يقوم الدليل على تغييره. والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما. الجزائر في:٠٤ جمادى الثانية ١٤٢٦ﻫ الموافـق ﻟ: ١٠جويـليـة ٢٠٠٥م
(١) أخرجه البخاري في الوتر(٩٩٨)، ومسلم في صلاة المسافرين(١٧٩١)، وأبو داود في الوتر(١٤٤٠)، وأحمد(٤٨١٣)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. (٢) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين(١٧٢١)، والترمذي في الصلاة(٤١٨)، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار(١٧٧٠)، وأحمد(٢٧٠٤٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها. (٣) أخرجه مسلم في الحج(٣٠٠٩)، وأبو داود في المناسك(١٩٠٧)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:53 pm | |
| في تنكيس الصفا والمروة في السعي -السؤال: -أدى رجل مناسك الحج منذ ثلاث سنوات متمتعا وفي العمرة بدأ السعي من المروة ظنا منه أنّها الصفا بناء على توجيه من مرافقه، فماذا عليه؟ -الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد: فالسعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج على أرجح أقوال أهل العلم، والمعلوم من شروط السعي أن يكون من المسعى وأن يتم عدد أشواطه السبعة وأن يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة، فلو نكّسه وبدأ بالمروة بدلا من الصفا فإنّ الشوط الأول لا يعتدّ به ولو ختم السابع بالصفا ألغى الشوط الأول وأضاف إليه الشوط السابع، فإن لم يأت به فقد أخلّ بشرطية الأشواط السبعة ولا يصح سعيه إلاّ بها. -هذا، فإذا علم بنقصان سعيه بشوط، وكان الفصل قريبًا فإنه يقتصر على أداء الشوط الذي أخلّ به، أما إن طال الفصل فإنه لا يزال على إحرامه، ويعود إلى مكة بعد التجرد من الثياب وتجنب المحظورات، ويعيد سعيه كاملا بأشواطه السبعة، ويتحلل بعد حلق أو تقصير، ولا اعتداد بالتحلل الأول لوقوعه قبل تمام النسك. والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما. الجزائر في: ٢١ رجب ١٤٢٦ﻫ الموافق ﻟ: ٢٦ أوت ٢٠٠٥ م الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله - | |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:54 pm | |
| في لحوق الوعيد لمن ترك الحج مع القدرة عليه -السؤال: -قرأت في كتاب الكبائر للإمام الحافظ شمس الدين الذهبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ملك زادا وراحلة تبلغه حج بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا" و أنا أملك المال الكافي لذلك، ولكني وفرته أنا و زوجي لشراء مسكن فما حكم ذلك؟ -الجواب: -الحمد لله والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد: -فالمقصود من الحديث التغليظ في الوعيد لمن استطاع الحج، ولم يحج والمبالغة في الزجر على من تركه، وذلك بتشبيه له باليهودي والنصراني، ووجه التخصيص بأهل الكتاب كونهما غير عاملين بالكتاب، فشبه بهما من ترك الحج حيث لم يعمل بكتاب الله تعالى، ونبذه وراء ظهره كأنه لا يعلمه. -والمعلوم أن الاستطاعة في الحج إنما تكون بعد الحوائج الأصلية للإنسان من مأكل ومشرب وملبس وغيرها من أساسيات المعيشة. -غير أن الحديث المذكور في السؤال لا يمكن الاستدلال به على المعنى السابق لعدم انتهاضه للحجية فقد أخرجه الترمذي في كتاب الحج رقم (٨١٧) من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا وقال: "هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال"، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع برقم (٥٨٦٠) وفي ضعيف الترغيب والترهيب برقم (٧٥٣). -هذا، وينبغي للمكلف أن يعلم بأنَّ الحاجة الأصلية إلى مسكن إنما تكون عند انعدامه في حقه بحيث لايمتلك لنفسه سكنا خاصًّا، أمَّا إذا وُجِدَ في مأوى لائق أو سعى إلى مسكن آخر زيادة عن حاجته فالواجب عليه – والحال هذه- أن يقدم الحج ويؤدي واجبه ما دامت القدرة متوفرة. -والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا. الجزائر في: ١٣ شوال ١٤٢٦ﻫ الموافق ﻟ: ١٥ نوفمبر ٢٠٠٥م الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 3:57 pm | |
| في أعمال الإحرام في مناسك العمرة
-السـؤال: -ما هي أعمالُ الإحرامِ في مناسك العمرة بالدليل إن أمكن؟ وجزاكم الله خيرًا. -الجـواب: -الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد: -فاعلم أنَّ أعمال العمرة: إحرامٌ وطوافٌ وسعيٌ، وحلقٌ أو تقصيرٌ، وترتيبٌ بينها. -ويستحبُّ للمعتمِر قبلَ الشروع في إحرامه: • أن يحلق عانتَه، وينتف إِبْطَهُ أو يحلقَه، ويقلِّمَ أظافرَه، ويقُصَّ شاربَه، ثمَّ يغتسل، والاغتسالُ سُنَّةٌ في حقِّ الرجال والنساء، ولو كانت المرأة حائضًا أو نفساء، ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «نَفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ»(١). • ثمَّ يتطيَّب عند الإحرام وقبل الإهلال بالعمرة بأطيب ما يجده من الطِّيب في بدنه ولِحيته دون ملابس الإحرام، ولا يضرُّه بقاءُ الطيب بعد الإحرام، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ»(٢)، وعنها رضي الله عنها قالت: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ»(٣). • وملابس الإحرام التي يرتديها الرجل: إزارٌ ورداءٌ غيرُ مفصَّلين على قدر أعضاء البدن، أي: غير مَخيطين، والأفضلُ أن يكونا أبيضين للرجال خاصَّة دون النساء، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «لاَ يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ البَرَانِسَ، وَلاَ الخِفَافَ إِلاَّ أَحَدٌ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ»(٤)، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «مَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ»(٥). -والمرأةُ المحرِمة تلبس ما شاءت من الثياب المطابقِ لمواصفات الجِلباب الشرعيِّ، بشرط ألا تتبرَّج بزينة، ولا تتشبه في لباسها بالرجال والكافرات، ولا تنتقب ولا تلبس القفازين، ولها أن تُسْدِلَ على وجهها من غير أن تَشُدَّه إليه عند ملاقاة الرجال الأجانب لأمن الفتنة وتأسِّيًا بأُمَّهات المؤمنين ونساء السلف، فتُحْرِمُ في ثيابها الشرعية، علمًا أن ما يفعله كثيرٌ من النساء من لباس الثياب البيضاء للعمرة أو الحج على وجه الاستحباب لا أصل له في الشريعة المحمدية، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانُ وَلاَ الوَرْسُ، وَلاَ تَنْتَقِبُ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ»(٦)، وفي حديث أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضي الله عنها قالت: «كُنَّا نُغَطِّي وُجُوهَنَا مِنَ الرِّجَالِ، وَكُنَّا نَمْتَشِطُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الإِحْرَامِ»(٧)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «المُحْرِمَةُ تَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ مَا شَاءَتْ إِلاَّ ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانُ، وَلاَ تَتَبَرْقَعُ، وَلاَ تُلَثِّمُ، وَتُسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِهَا إِنْ شَاءَتْ»(٨). • وإذا وصل المعتمر الميقات(٩) فإن كان من أهل المدينة أو من يمرُّ بها وهو ما يسمى ﺑ «ذو الحليفة» فله أن يصلي في واد العقيق ركعتين استحبابًا ما عدا الحائض والنفساء؛ لأنَّ الركعتين متعلِّقتان بخصوص المكان؛ لأنه واد مباركٌ لا بخصوص الإحرام، لما جاء عنه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي، وَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ»(١٠)، فإذا وافق وقت فريضة يصليها في أي ميقات كان، وكذلك إذا صلى ركعتين نوى بهما سنة الوضوء أجزأه فعله. -فإن كان السفر على متن طائرة لا تتوقف إلاَّ في جُدَّة، فيُستحب له أن يلبس الإحرام في المنازل أو في المطار أو في الطائرة، وأن يُحرم بعمرة قبل أن يتجاوز الميقات المكاني المتعلق به. -ويستحب له التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال، ثمَّ يتوجه إلى القبلة ويعلن نيته قائلاً: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ عُمْرَةً»، لما ثبت عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه: «رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْدَاءِ حَمِدَ اللهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثمَّ أَهَلًَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ»(١١)، كما صحَّ عن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ»(١٢)، و«كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا إِذَا صَلَّى بِالْغَدَاةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ ثُمَّ رَكِبَ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا»(١٣)، وفي روايةٍ عنه: «ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَرْكَبُ وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُ»(١٤)، ومعنى هذا أنه إذا أراد أن يهل بالعمرة أن ينتظر حتى تتوجه السيارة للمسير ومغادرة الميقات فيستقبل القبلة ثُمَّ يهل. -والمراد بالإهلال: رفعُ الصوت بما أوجبه على نفسه عمرة، فيقول: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ عُمْرَةً»، ولا يُشرع التلفُّظ بالنية في شيءٍ من العبادات إلاَّ في هذا الموضع، ثُمَّ يُلَبِّي قائلاً: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ»(١٥)، وكان من تلبيته صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَبَّيْكَ إِلَهَ الحَقِّ»(١٦)، والأفضلية التزام تلبية النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وإن زاد عليها: «لَبَّيْكَ ذَا المَعَارِجِ، لَبَّيْكَ ذَا الفَوَاضِلِ»(١٧) فجائزٌ لإقراره صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عليها، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يزيد: «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ»(١٨)، و«الجَوَازُ لاَ يُنَافِي الأَفْضَلَيَّةَ». -ويُستحبُّ له أن يرفع بها صوتَه ويُسمع بها من حوله لما في رفع الصوت بالتلبية من إظهارٍ لشعائر الله وإعلان بالتوحيد لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَفْضَلُ الحَجِّ: العَجُّ وَالثَّجُّ»(١٩)، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ»(٢٠). -والسُّنَّة في رفع الصوت للرجال أمَّا المرأة فلا ترفع صوتها بالتلبية أو بالذِّكر بحضرة الرجال الأجانب؛ لأنَّ الأصل في حقِّ المرأة التستُّر، قال ابن عبد البر: «وأجمع أهلُ العلم أنَّ السُّنَّةَ في المرأةِ أن لا ترفع صوتَها، وإنما عليها أن تُسمع نفسَها فخرجت من جُملة ظاهرِ الحديث، وخصَّت بذلك، وبقي الحديث في الرجال»(٢١). • ويستحب لمن خاف أن يمنعه عن المبيت عائق يحول دون إتمام نُسُكه من مرضٍ أو مانعٍ آخرَ أن يشترط على الله(٢٢)، بعد إهلاله بالعمرة أو الحج فيقول: «اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي». -وليس هذا الشرط عامًّا لمن لا يخاف من عائق يمنعه من أداء نسكه؛ لأنَّ النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أحرم ولم يُنقل عنه أنه اشترط، وقال: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم»(٢٣)، ولم يأمر بالاشتراط أمرًا عامًّا شاملاً للخائف وغير الخائف، وإنما أمر به ضُباعةَ بنتَ الزبير لَمَّا خشيت مِن عدم إتمام نُسُكِها لوجود المرض ونزول الوجع بها، ولم يرد لفظٌ عامٌّ حتى يلزم منه العموم، بل هو قاصر على سببه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟ قَالَتْ: وَاللهِ لاَ أَجِدُنِي إِلاَّ وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»(٢٤). • ويُكثِر المحرم من التلبية عند تنقلاته وعموم أحواله في السفر سواء علا شرفًا أو هبط واديًا، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَابِطًا مِنْ الثَّنِيَّةِ لَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالتَّلْبِيَةِ»(٢٥)، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلاَّ لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ من عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا»(٢٦). • ويستمرُّ ملبيًّا من وقت الإحرام إلى أن يبلغ الحرمَ المكيَّ، ولا يقطع التلبيةَ إلاَّ عند رؤية بيوت مكة، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: «إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ»، ويخبر ذلك عن النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه كان يفعله(٢٧). • ويستحب للمحرم أن يبيت خارجَ مكة ويدخلها نهارًا مغتسلاً، ويكون دخوله من أعلاها وخروجه من أسفلها، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدِّم أنه: «كَانَ إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طُوًى ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ»، وعنه رضي الله عنه أنه قال: «بَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِذِي طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ»(٢٨)، وكان ابن عمر يدخل مكة نهارًا(٢٩)(٣٠)، وعنه رضي الله عنه ‑أيضًا‑: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ(٣١) مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ وَخَرَجَ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى»(٣٢)، وله أن يدخلها من أي طريقٍ شاءَ، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ»(٣٣). • فإذا وصل المسجد الحرام يدخله ‑متوضِّئًا‑ لحديث عائشة رضي الله عنها: «أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ»(٣٤)، ويُستحبُّ له دخول المسجد من باب بني شيبة(٣٥)؛ لأنَّ النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم دخل منه، ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أنّ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لما قَدِمَ في عقْدِ قُرَيْشٍ فَلَمَّا دَخَلَ مَكَةَ دَخَلَ مِنْ هَذَا البَابِ الأَعْظَمِ»(٣٦)، [أي: من باب بني شيبة]، ويُقدِّم رجله اليمنى ويقول الأدعية المأثورةَ، منها: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ، اللَّهُمَّ افْتَحِ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ»(٣٧)، أو «أَعُوذُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم»(٣٨)، ويستحضر ‑حال دخوله‑ عظمةَ الله تعالى ونعمَه عليه بتيسير الوصول إلى بيته الحرام، كُلُّ ذلك في خشوعٍ وخضوعٍ وتعظيمٍ، ويرفع يديه عند رؤية الكعبة إن شاء، لثبوته عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما(٣٩)، ويدعو بما تيسَّر له، وإن قال: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلاَمِ»، فثابت عن عمر رضي الله عنه(٤٠). وإذا خرج من المسجد فليقل: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ»(٤١). -والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. الجزائر في ٢٥ ربيع الثاني ١٤٣٠ﻫ الموافق ﻟ: ٢٠أبريل ٢٠٠٩م (١) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٤٧) رقم: (١٢٠٩)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب الحائض تهلّ بالحج: (٢/ ٢٤٦)، رقم: (١٧٤٣)، وابن ماجه كتاب «الحج»، باب النفساء والحائض تهل بالحج: (٢٩١١)، من حديث عائشة رضي الله عنها. (٢) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن: (١/ ٣٧٢)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٣٣) رقم: (١١٨٩)، من حديث عائشة رضي الله عنه. (٣) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن: (١/ ٣٧٢)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٣٤) رقم: (١١٩٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها. (٤) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما لا يلبس المحرم من الثياب: (١/ ٣٧٣)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٢٦) رقم: (١١٧٧)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (٥) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين: (١/ ٤٤٢)، ومسلم كتاب «»: (١/ ٥٢٧) رقم: (١١٧٨)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. (٦) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة: (١/ ٤٤١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (٧) أخرجه الحاكم وقال: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي: (١/ ٤٥٤)، من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢١٢). (٨) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٤٧)، عن عائشة رضي الله عنها. والأثر صححه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢١٢). (٩) ومواقيت العمرة المكانية هي نفسها مواقيت الحج لا يجوز للمحرِم تجاوزها بلا إحرام، وهي: - ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة، وفيها بئر تسميها جهَّال العامة: «بئر علي» لظنِّهم أنَّ عليًّا قاتل الجِنَّ بها، وهو كَذِبٌ وخرافة أبطلها أهلُ التحقيق. [انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٦/ ٩)]. - ميقات أهل مصر والشام والمغرب: الجحفة، وهي اليوم خراب، ولهذا صار الناس يُحْرِمُون قبلها من المكان الذي يُسمَّى «رابغًا». - ميقات أهل نجد: قرن المنازل، ويسمى قرن الثعالب. - ميقات أهل العراق: ذات عرق. - ميقات أهل اليمن: يلملم. (١٠) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العقيق واد مبارك: (١/ ٣٧١)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. (١١) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة: (١/ ٣٧٤)، من حديث أنس رضي الله عنه. (١٢) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح: (١/ ٣٧٤)، من حديث أنس رضي الله عنه. (١٣) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الإهلال مستقبل القبلة: (١/ ٣٧٥)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (١٤) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الإهلال مستقبل القبلة: (١/ ٣٧٥)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (١٥) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب التلبية: (١/ ٣٧٤)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٣١) رقم: (١١٨٤)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (١٦) أخرجه النسائي كتاب «مناسك الحج»، باب كيف التلبية: (٢٧٥٢)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب التلبية: (٢٩٢٠)، وأحمد: (٢/ ٣٤١)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ١٨٠). (١٧) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، كيف التلبية: (٢/ ٢٧٨) رقم: (١٨١٣)، وأحمد: (٣/ ٣٢٠)، والبيهقي: (٥/ ٤٥)، من حديث جابر رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «حجة النبي»: (٥٤). (١٨) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٣١)، رقم: (١١٨٤)، وأبو داود كتاب «المناسك»، كيف التلبية: (٢/ ٢٧٧) رقم: (١٨١٢)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (١٩) أخرجه الترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء في فضل التلبية والنحر: (٨٢٧)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب رفع الصوت بالتلبية: (٢٩٢٤)، من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه. والحديث حسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٣/ ٤٨٦). والعجُّ: رفع الصوت بالتلبية. [«النهاية»: (٣/ ١٨٤)]، والثَّجُّ: سيلان دماء الهدي والأضاحي. [«النهاية»: (١/ ٢٠٧)]. (٢٠) أخرجه الترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية: (٨٢٩)، والنسائي كتاب «المناسك»، رفع الصوت بالإهلال: (٢٧٥٣)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب رفع الصوت بالتلبية: (٢٩٢٢)، من حديث عن السائب بن خلاّد رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (٦٢). (٢١) «الاستذكار» لابن عبد البر (٤/ ٥٧)، وخالف في ذلك ابن حزم في «المحلى» (٧/ ٩٣-٩٥)، ويرى أنّ المرأة ترفع صوتها كالرجل ولا حرج لأنّ «النساء شقائق الرجال»، واستدل بقصة عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترفع صوتها بالتلبية. قلت: ويمكن الجمع بحمل فعلها على أمن الفتنة. (٢٢) فائدة الاشتراط أن من حبس عن إتمام الحج أو العمرة يتحلل من نسكه ولا قضاء عليه ولا فدية إن كان قد أدى الفريضة، فإن لم يكن قد أداها فإنه يعيد الحج من جديد في العام القابل. (٢٣) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٩) رقم (١٢٩٧)، وأبو داود في «المناسك»، باب في رمي الجمار: (١٩٧٠)، والنسائي في «مناسك الحج»، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم: (٣٠٦٢)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (٢٤) أخرجه البخاري في «النكاح»: (٤٨٠١)، ومسلم في «الحج»: (١/ ٥٤٦) رقم: (١٢٠٧): من حديث عائشة رضي الله عنها. (٢٥) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٩١) رقم (١٦٦)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. (٢٦) أخرجه الترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء في فضل التلبية والنحر: (٨٢٨)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب التلبية: (٢٩٢١)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (٥٧٧٠). (٢٧) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الاغتسال عند دخول مكة: (١/ ٣٨١)، عن ابن عمر رضي الله عنهما. (٢٨) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب دخول مكة نهارا أو ليلا: (١/ ٣٨١)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٤) رقم: (١٢٥٩)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (٢٩) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٤) رقم: (١٢٥٩)، عن ابن عمر رضي الله عنهما. (٣٠) قال ابن قدامة في «المغني» (٣/ ٣٦٨): «ولا بأس أن يدخلها ليلاً أو نهارًا؛ لأنّ النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم دخل مكة ليلاً ونهارًا». (٣١) قال الحافظ في «الفتح» (٣/ ٤٣٧): «كَدَاء: بفتح الكاف والمد، وَهَذِهِ الثَّنِيَّة هِيَ الَّتِي يَنْزِل مِنْهَا إِلَى الْمُعَلَّى مَقْبَرَة أَهْل مَكَّة، وَهِيَ الَّتِي يُقَال لَهَا الْحَجُون بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَضَمّ الْجِيم، ثم قال: وَكُلّ عَقَبَة فِي جَبَل أَوْ طَرِيق عَالٍ فِيهِ تُسَمَّى ثَنِيَّة، والثنية السفلى تسمى كُداء بِضَمِّ الْكَاف مَقْصُور وَهِيَ عِنْدَ بَاب شَبِيكَة. (٣٢) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من أين يخرج من مكة؟: (١/ ٣٨١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (٣٣) أخرجه أبو داود كتاب «الحج»، باب صفة الحج: (١٩١٧)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الذبح: (٣٠٤٨)، وأحمد: (٣/ ٣٢٦)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٥٩٨). (٣٤) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلي ركعتين ثم خرج إلى الصفا: (١/ ٣٩٠)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٦٧) رقم: (١٢٣٥)، من حديث عائشة رضي الله عنها. (٣٥) انظر: «المغني» (٣/ ٣٦٨). (٣٦) أخرجه ابن خزيمة «المناسك»، باب استحباب دخول المسجد من باب بني شيبة: (٤/ ٢٠٨)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والحديث صحح إسناده الألباني في «صحيح ابن خزيمة»: (٢٧٠٠)، وانظر «البدر المنير» لابن الملقن: (٦/ ١٧٨). (٣٧) أخرجه مسلم كتاب «صلاة المسافرين وقصرها»: (١/ ٣٢٣) رقم: (٧١٣)، وأبو داود كتاب «الصلاة»، باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد: (١/ ٢٢٧)، من حديث أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه. (٣٨) أخرجه أبو داود كتاب «الصلاة»، باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد: (١/ ٢٢٨)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. والحديث حسّنه النووي في «الخلاصة»: (١/ ٣١٤)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (٣١٤)، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح»: (١/ ٢٣٤). (٣٩) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (٣/ ٤٣٦)، والأثر صححه الألباني في «مناسك الحج والعمرة»: (١٨). (٤٠) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٧٣)، عن سعيد بن المسيب يقول سمعت: من عمر رضي الله عنه كلمة ما بقي أحد من الناس سمعها غيري سمعته يقول إذا رأى البيت: وذكره. والأثر صححه الألباني في «مناسك الحج والعمرة»: (١٩)، وانظر: «التلخيص الحبير» لابن حجر: (٢/ ٤٩١)، و«نصب الراية» للزيلعي: (٣/ ٣٦). (٤١) سبق تخريجه هامش رقم: (٣٧). الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 4:02 pm | |
|
في أعمال السعي بين الصفا والمروة
-السـؤال: -ما هي أعمال السعي بين الصفا والمروة؟ وهل يُشرَعُ ختم السعي بركعتين كختم الطواف، كما قرأتُه في بعض كتب الأحناف؟ -الجـواب: -الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد: فإذا فَرَغَ المُحْرِمُ من طوافه خرج إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا قرأ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٥٨]، ويقول: «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ»، ولا يكرِّرها في غير هذا الموضع، ثمَّ يرتقي على الصفا حتى يرى الكعبة، فيستقبلها فيرفع يديه من غير إرسال فيوحِّد اللهَ ويُكبِّره، فيقول: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ»، يكرِّر ذلك ثلاثَ مرات، ويدعو بين التهليلات بما شاء من الأدعية، والأفضل أن يكون مأثورًا عن النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أو السلف الصالح. -ويدلُّ عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلاَ عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ»(١)، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنْ الصَّفَا قَرَأَ: ﴿إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ﴾، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلاَثَ مَرَّات»(٢). - ثم يَنْزِلُ من الصفا إلى المروة ليسعى بينهما، فإذا وصل إلى العمود الأخضر الأوَّلِ هَرْوَلَ، أي: أسرع بقدر ما يستطيع من غير أَذِيَّةٍ إلى العمود الأخضر الثاني، وهما عَلَمَان معروفان بالميلين الأخضرين، وكان في عهده صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم واديًا أبطح فيه دقاق الحصى، ويقول بينهما: «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ»(٣)، فقد ثبت عن جمع من السلف. ويدلُّ على ذلك «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ المَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ»(٤)، ويقول: «لاَ يُقْطَعُ الأَبْطَحُ إِلاَّ شَدًّا»(٥). - ثمَّ يسير على عادته إلى المروة فيرتقي عليها ويستقبل القبلة ويقول مثل ما قاله في «الصفا» من تكبير وتوحيدٍ ودعاءٍ. ثم ينزل من المروة إلى الصفا ويهرول في موضع إسراعه، ويرتقي على الصفا ويستقبل القبلة ويقول مثل ما قاله أولَ مرة. ويُعَدُّ السعيُ من الصفا إلى المروة شوطًا، ومن المروة إلى الصفا شوطًا ثانيًا، ويُتِم سعيه بسبعة أشواط، يبتدئ الشوطُ الأول بالصفا وينتهي الشوطُ السابع بالمروة. -ويدلُّ عليه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفيه: «ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ»(٦).
-تنبيـه: - ليس للسعي ذكر مخصوص إلاّ ما تقدم، وله أن يأتي في سعيه ما شاء من الأدعية والأذكار المسنونة وقراءة القرآن. - من السنة الهرولة، أي: السعي الشديد بين العَلَمين الأخضرين في جميع أشواط السعي، بينما في الطواف لا يرمُل إلاّ في الثلاثة الأولى فقط، ويمشي بين الركنين وهما الركن اليماني والحجر الأسود. - وليس من السنة الاضطباع في السعي، وإنما سُنِّـيَّتُه عند طواف القدوم، إذ لم يثبت أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اضطبع في غير الطواف، قال ابن قدامة -رحمه الله-: «وقال الشافعي: يَضْطَبِعُ فيه؛ لأنه أحدُ الطَّوَافَيْنِ، فأشبهَ الطوافَ بالبيت، ولنا أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لم يضطبع فيه، والسُّنَّة في الاقتداء به، قال أحمد: ما سمعنا فيه شيئًا، والقياس لا يصحُّ إلاَّ فيما عُقل معناه، وهذا تعبُّدٌ محضٌ»(٧). - ليس من السنة الصلاة بعد السعي، وقال بعض الحنفية باستحباب ركعتين بعده(٨)، استنادًا إلى ما روى المطلب بن أبي وداعة قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ جَاءَ، حَتَّى إِذَا حَاذَى الرُّكْنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي حَاشِيَةِ المَطَافِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّائِفِينَ أَحَدٌ»، والحديث ضعيف(٩)، وعلى فرض التسليم بصحته فليس فيه دليل على أنَّ الركعتين من سنن السعي لجواز مطلق النفل، فهي واقعة عين محتملة فلا دليل فيها. - السعي لا يكون إلاَّ بعد الطواف، أي: أن يتقدَّم السعيَ طوافٌ صحيحٌ لتبعية السعي له(١٠)، وأن يجعل سعيه مرتبًا وَفق السنة يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ‑كما تقدم‑ فإن بدأ بالمروة لم يَعتَدَّ بذلك الشوط، فإذا وصل الصفا كان هذا أَوَّلَ سعيه، وأن يستوعب ‑في سعيه‑ ما بين الصفا والمروة، فإذا لم يصعد على الصفا والمروة لزمه أن يُلصق قدمه بالابتداء والانتهاء، ولا يصح أن يترك مما بينهما شيئًا، وأن يكون السعي في موضع السعي، ولا يصح سعيٌ بمحاذاة المسعى، سواء من داخل المسجد أو من خارجه. - يجوز الطواف والسعي راكبًا والمشي أفضل لغير العاجز، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ»(١١)، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لاَ يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ وَالْمَشْيُ وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ»(١٢). -والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٢ جمادى الأولى ١٤٣٠ﻫ الموافق ﻟ: ٢٧ أبريل ٢٠٠٩م
(١) أخرجه مسلم كتاب «الجهاد والسير»: (٢/ ٨٥٦)، رقم: (١٧٨٠)، وأحمد: (٢/ ٥٣٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٩٣)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٢) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»: (٢/ ٣١٥)، والترمذي كتاب «تفسير القرآن»، باب ومن سورة البقرة: (٢٩٦٧)، وأحمد: (٣/ ٣٢٠)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله رضي الله عنهما. والحديث صححه ابن عبد البر في «التمهيد»: (٢٤/ ٤١٤)، والألباني في «الإرواء»: (٤/ ٣١٨). وأخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٧)، رقم: (١٢١٨)، بلفظ: «أَبْدَأُ». وأما لفظ: «ابدؤوا» فشاذة، قال ابن حجر في «التلخيص الحبير» (٢/ ٥٠٩) بعد أن ذكر من رواها: «قال أبو الفتح وابن دقيق العيد القسيري: مخرج الحديث عندهم واحد، وقد اجتمع مالك، وسفيان ويحيى بن سعيد القطان على رواية: نبدأ بالنون التي للجمع، قلت: وهم أحفظ من الباقين»، وانظر: «الإرواء» للألباني: (٤/ ٣١٧). (٣) ورد عن عمر وابنه عبد الله وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم. أنظر: «المصنف» لابن أبي شيبة: (٣/ ٤٢٠)، (٦/ ٨٣)، و«السنن الكبرى» للبيهقي: (٥/ ٩٥)، وروي مرفوعا ولا يصح إلاّ موقوفا. انظر: «البدر المنير» لابن الملقن: (٦/ ٢١٦)، «التلخيص الحبير» لابن حجر: (٢/ ٥١٠)، «تخريج أحاديث الإحياء» للعراقي: (١/ ٢٧٨)، و«حجة النبي صلى الله عليه وسلم» للألباني: (١١٩). (٤) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما جاء في السعي بين الصفاوالمروة: (١/ ٣٩٧)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٥)، رقم: (١٢٦١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (٥) أخرجه ابن ماجه كتاب «المناسك»، باب السعي بين الصفا والمروة: (٢٩٨٧)، وأحمد: (٦/ ٤٠٤)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٩٨)، من حديث أم ولد شيبة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٥٦٤). (٦) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٧)، رقم: (١٢١٨)، والنسائي كتاب «مناسك الحج»: (٢٩٨٥)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (٣٠٧٤)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (٧) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٣٧٣). (٨) قال ابن الهمام الحنفي في «فتح القدير» (٢/ ٤٧١): «إذا فرغ من السعي يستحب له أن يدخل فيصلي ركعتين ليكون ختم السعي كختم الطواف، كما ثبت أن مبدأه بالاستلام كمبدئه عنه عليه السلام، ولا حاجة إلى هذا القياس إذ فيه نص وهو ما روى المطلب بن أبي وداعة...». (٩) أخرجه النسائي كتاب «مناسك الحج»، أين يصلي ركعتي الطواف: (٢٩٥٩)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الركعتين بعد الطواف: (٢٩٥٨)، والحاكم في «المستدرك»: (١/ ٣٨٤)، وهو ضعيف كما في «السلسلة الضعيفة» (٢/ ٣٢٦-٣٢٧)، برقم: (٩٢٨)، و«تمام المنة»: (٣٠٣)، كلاهما للألباني. (١٠) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٣٩٠). (١١) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٩)، رقم: (١٢٧٣)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب الطواف الواجب: (٢/ ٣٠٤)، وأحمد: (٣/ ٣١٧)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (١٢) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٦)، رقم: (١٢٧٤)، وأحمد: (١/ ٢٩٧)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٠٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله - في أعمال اليوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة) -السـؤال:
-ما هي الأعمال التي يقوم بها الحاج يوم عرفة، الموافقة للسنة المطهرة المتبعَة؟ -الجـواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد: • فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع من ذي الحجة -وهو يوم عرفة- توجَّه الحاجُّ من منًى إلى عرفةَ مُلَبِّيـًّا أو مكبِّرًا. • ويُسنُّ له النُّزول ﺑ «نَمِرَة»(١) يمكث فيها إلى قُبيل الزوال، إن تيسَّر ذلك، فإذا زالت الشمس انتقل إلى «عُرَنة»(٢) ونزل فيها وليست «عُرنة» من أرض عرفة عند عامَّة العلماء(٣)، وفيها يُسنُّ للإمام أن يخطب الناسَ خُطبةً قصيرةً تناسب الحالَ وتليق بالمقام، ثمَّ يصلي بالناس الظهر والعصر قصرًا وجمعَ تقديم، أي في وقت الظهر بأذان واحدٍ وإقامتين يعجِّل فيهما ولا يصلي بينهما شيئًا، قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «والسُّنَّة تعجيل الصلاة حين تزول الشمس، وأن يقصر الخطبة، ثمَّ يروح إلى الموقف، لما روى سالم أنه قال للحجّاج يوم عرفة: «إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُنَّةَ فَقَصِّر الخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الصَلاَةَ»، فقال ابن عمر: «صَدَقَ»، رواه البخاري(٤)، ولأنَّ تطويل ذلك يمنع الرواح إلى الموقف في أول وقت الزوال، والسُّنَّة التعجيل في ذلك»(٥). -هذا، ومن فاتته صلاة الظهر والعصر مع الإمام فليصلهما قصرًا وجمع تقديم مع من معه من المسلمين، وكذلك على مَن تعذَّر عليه العمل بسُّنة النُّزول بوادي نمرة أو ببطن عُرنة فتجاوزهما إلى عرفة فلا حرج عليه عند عامَّة الفقهاء، قال ابن تيمية ‑رحمه الله‑: «وأمَّا ما تضمَّنته سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المقَام بمنًى يوم التروية، والمبيت بها الليلة التي قبل يوم عرفة ثمَّ المقام بعرنة -التي بين المشعر الحرام وعرفة- إلى الزوال، والذهاب منها إلى عرفة والخطبة والصلاتين في أثناء الطريق ببطن عُرنة، فهذا كالمجمع عليه بين الفقهاء، وإن كان كثير من المصنِّفين لا يميِّزه، وأكثر الناس لا يعرفه لغلبة العادات المحدثة»(٦)، قال ابن عبد البر ‑رحمه الله‑: «هذا كله لا خلاف بين العلماء المسلمين فيه»(٧). -ويدلُّ على ما تقدَّم حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الطويل بعد صلاة الصبح يوم التاسع بمنى قال: «...ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ فَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَلاَ تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلاَّ أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ»(٨)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «غَدَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ صَبِيحَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ وَهِيَ مَنْزِلُ الإِمَامِ الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ بِعَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ صَلاَةِ الظُّهْرِ رَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مُهَجِّرًا فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ رَاحَ فَوَقَفَ عَلَى الْمَوْقِفِ مِنْ عَرَفَةَ»(٩). -ويدلُّ على استحباب التلبية والتكبير في الطريق من منًى إلى عرفات حديث عمر رضي الله عنه قال: «غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ مِنَّا الملَبِّي، وَمِنَّا المكَبِّرُ»(١٠)، وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: «كَانَ يُهِلُّ مِنَّا المهِلُّ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا المكَبِّرُ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ»(١١)، والحديث وإن دلَّ على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك إلاَّ أنَّ أفضل الأمرين ما دلَّ عليه فعله صلى الله عليه وآله وسلم من لزومه التلبية على ما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الطويل، وفيه -أيضًا- بعد ذكر خطبته صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى العَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا»(١٢). • فإذا فرغ من الصلاتين عجَّل الذهاب إلى الموقف بعرفة، وأصل الوقوف ركنٌ لا يصحُّ الحجُّ إلاَّ به إجماعًا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الحَجُّ عَرَفَةُ»(١٣)، فيقف عند الصخرات المفترشات أسفل جبل الرحمة(١٤)، وهذا هو الموقف المستحب، فإن عجز فليقرب منه بحسب الإمكان(١٥)، وإلاَّ فعرفة كلُّها موقف، إلاَّ بطن عرنة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ»(١٦)، وليس معنى الوقوف في هذا المكان هو القيام على القدمين، وإنما هو المكوث بأيّ هيئة كانت من بعد زوال الشمس إلى ما بعد غروبها من ذلك اليوم. • ويسنُّ للحاج استقبال الكعبة في الوقوف(١٧)، أن يجتهد في ذكر الله تعالى بالأذكار المأثورة والتلبية والأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وهي في كلِّ وقت لا سيما في عشية هذا الموقف العظيم، يرفع يديه -حال الدعاء- بالتضرّع إليه والتذلُّل بين يديه وحضور قلب مخلصًا عبادته لله رب العالمين، ويُستحب له الإكثار من التهليل والتكرار منه، فإنه خير الذكر يوم عرفة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ عَشِيَةَ عَرَفَةَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(١٨)، كما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَحَبُّ الكَلاَمِ إِلى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالحمْدُ للهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ»(١٩). -وإن لبَّى أو قرأ ما تيسَّر من القرآن فحسن، كلُّ ذلك لاغتنام فضيلة يوم عرفة لا سيما في آخر النهار يرجو فيها الحاج من الله تعالى أن يكون من عتقائه الذين يباهي بهم الملائكة، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلاَئِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ؟»(٢٠)، وفي حديث آخر: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُبَاهِي المَلاَئِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ، يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا»(٢١). • ويستحب له أن يشهد المناسكَ كلَّها على وضوء لا سيما في هذا الموقف، ومن وقف لعرفة غير طاهر فهو مدرك للحج إجماعًا، قال ابن قدامة -رحمه الله-:«ولا يشترط للوقوف طهارة ولا ستارة ولا استقبال ولا نية ولا نعلم في ذلك خلافًا»(٢٢). • ويبقى الحاجّ على هذه الحال مُخْبِِِتًا لربه ذاكرًا وملبيًا وداعيًا بانكسارٍ بين يديه، راجيًا رحمته ومغفرته، وخائفًا عذابه ومقته وغضبه، محاسبًا نفسه، مجدِّدًا توبةً نصوحًا ويستمرُّ في ذلك حتى تغرب الشمس. -ويدلُّ على ما تقدَّم حديث جابر بن عبد الله ‑رضي الله عنهما‑ قال: «ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ»(٢٣). • والسنة للحاجِّ الواقف في عرفة الفطر يوم عرفة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ أَفْطَرَ بِعَرَفَةَ وَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ بِلَبَنٍ فَشَرِبَ»(٢٤)، وسئل ابن عمر رضي الله عنهما عن صوم عرفة بعرفة؟ فقال: «حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَأَنَا لاَ أَصُومُهُ وَلاَ آمُرُ بِهِ وَلاَ أَنْهَى عَنْهُ»(٢٥)، قال ابن قدامة-رحمه الله- «أكثر أهل العلم يستحبون الفطر يوم عرفة بعرفة، وكانت عائشة وابن الزبير يصومانه، وقال قتادة: لا بأس به إذا لم يضعف عن الدعاء، وقال عطاء: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف؛ لأن كراهة صومه إنما هي معللة بالضعف عن الدعاء، فإذا قوي عليه أو كان في الشتاء لم يضعف فتزول الكراهة... ولأن الصوم يضعفه ويمنعه الدعاء في هذا اليوم المعظّم الذي يستحب فيه الدعاء في هذا الموقف الشريف الذي يُقصد من كل فج عميق، رجاء فضل الله فيه وإجابة دعائه به، فكان تركه أفضل»(٢٦). • فإذا غربت الشمس أفاض الحاج من عرفات متوجِّهًا إلى مزدلفة، ودفع منها بسير سهل في سرعة وبسكينة ووقار، فلا يزاحم الحجاج نفسه، ولا يضايق عليهم بمركبه ومتاعه، ويسرع متى وجد فجوة أو خلوة أو متسعًا دون استعجال؛ لأنَّ السنة أن يصلي الحاج المغرب تلك الليلة مع العشاء بمزدلفة(٢٧)، ويدلُّ عليه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَت الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً حتَى غَابَ الْقُرْصُ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ ودَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى:«أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً مِنْ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً حَتَّى تَصْعَدَ»(٢٨). وعن ابن عباس أنَّ أسامة بن زيد رضي الله عنهم قال:«أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ وَأَنَا رَدِيفُهُ فَجَعَلَ يَكْبَحُ رَاحِلَتَهُ حَتَّى أَنَّ ذِفْرَاهَا لَيَكَادُ يُصِيبُ قَادِمَةَ الرَّحْلِ وَهُوَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ فِي إِيضَاعِ الإِبِلِ»(٢٩)، وعنه رضي الله عنهما قال: «كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ(٣٠) فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً(٣١) نَصَّ(٣٢)»(٣٣)، قال ابن عبد البر ‑رحمه الله‑ في تعليقه على هذا الحديث: «وليس في هذا الحديث أكثرُ من معرفة كيفية السير في الدفع من عرفة إلى المزدلفة، وهو شيءٌ يجب الوقوفُ عليه وامتثالُه على أَئِمَّة الحاجِّ فمن دونهم؛ لأن في استعجالِ السير إلى المزدلفة استعجالَ الصلاةِ بها، ومعلوم أنَّ المغربَ لا تصلَّى تلك الليلة إلاَّ مع العشاء بالمزدلفة، وتلك سنَّتُها، فيجب أن تكون على حسب ما فعله رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن قصرَ عن ذلك أو زاد فقد أساء إذا كان عالما بما في ذلك»(٣٤)، ويؤيّده حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال:«فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الشِّعْبَ الأَيْسَرَ الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنَاخَ فَبَالَ، ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا فَقُلْتُ: الصَّلاةَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: الصَّلاةُ أَمَامَكَ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ جَمْعٍ»(٣٥). والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. الجزائر في:١٦ شعبان ١٤٣٠ﻫ الموافق ﻟ: ٠٧ أوت ٢٠٠٩م
(١) موضع قريب من عرفة وليس منها، كانت منزل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع. انظر: «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي: (٣/ ١٣٩٠)، و«معجم ما استعجم» للبكري: (١/ ١٣٤). (٢) عُرنة: موضع بحذاء عرفة وليست منها إنما هي من الحرم، وعرفة خارجة عن الحرم وداخل في الحل. انظر: «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي: (٢/ ٩٣٤)، و«معجم ما استعجم» للبكري: (٤/ ١١٩٠). (٣) قال النووي في «شرح مسلم» (٨/ ١٨١): «وليست عرنة من أرض عرفات عند الشافعي والعلماء كافة إلا مالكا فقال: هي من عرفات». قال البغوي في «شرح السنة» (٧/ ١٥٣): «واختلفوا فيمن وقف ببطن عرنة، فقال الشافعي: لا يجزئه حجه، وقال مالك: حجه صحيح وعليه دم». (٤) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب قصر الخطبة بعرفة: (١/ ٤٠١)، من حديث سالم بن عبد الله رضي الله عنه. (٥) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٠٨). (٦) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (٢٦/ ١٦٨).
(٧) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٣٢٤). (٨) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨). (٩) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الخروج إلى عرفة: (٢/ ٣٢٠)، وأحمد: (٢/ ١٩٢)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (٩/ ٥)، وحسّنه الألباني في «صحيح أبي داود»: (١٩١٣)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (٧٤٨). (١٠) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٣)، رقم: (١٢٨٤)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب متى يقطع التلبية: (٢/ ٢٧٩)، وأحمد: (٢/ ٢٢)، من حديث عمر رضي الله عنه. (١١) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة: (١/ ٤٠٠)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٣)، رقم: (١٢٨٥)، من حديث أنس رضي الله عنه. (١٢) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨). (١٣) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب من لم يدرك عرفة: (٢/ ٣٣٢)، والترمذي كتاب «الحج» باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج: (٨٨٩)، والنسائي كتاب «مناسك الحج»، باب فرض الوقوف بعرفة: (٣٠١٦)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع: (٣٠١٥)، وأحمد (١٨٢٩٧)، من حديث عبد الرحمن بن يعمر الدِّيليِّ رضي الله عنه. والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ٢٣٠)، والألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٥٦). (١٤) جبل الرحمة: هو الجبل الذي بوسط أرض عرفات، وحد عرفة من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له [انظر: «المغني» لابن قدامة ٣/ ٤١٠) و«شرح مسلم» للنووي: (٨/ ١٨٥)]. قال ابن تيمية -رحمه الله- في «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٣٣): «وأمّا صعود الجبل الذي هناك فليس من السنة ويسمى جبل الرحمة»، وقال في «الفتاوى الكبرى» (٥/ ٣٨٢): «ولا يشرع صعود جبل الرحمة إجماعًا». (١٥) قال النووي-رحمه الله- في «شرح مسلم» (٨/ ١٨٥): «وأمّا ما اشتهر بين العوام من الاعتناء بصعود الجبل، وتوهمهم أنه لا يصح الوقوف إلا فيه فغلط، بل الصواب جواز الوقوف في كل جزء من أرض عرفات، وأن الفضيلة في موقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الصخرات». (١٦) أخرجه ابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الموقف بعرفات: (٣٠١٢)، من حديث جابر رضي الله عنه. انظر رواته وطرقه في «البدر المنير» لابن الملقن: (٦/ ٢٣٤)، والحديث صححه ابن عبد البر في «الاستذكار»: (٤/ ٢٧٤)، والألباني في «صحيح الجامع»: (٤٠٠٦). (١٧) تنبيه: لا يستقبل الحاج في دعائه وأذكاره جبل الرحمة إلا إذا كان الجبل بينه وبين القبلة، قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٣/ ٤١٠): «والمستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة، ويستقبل القبلة لما جاء في حديث جابر رضي الله عنه». (١٨) أخرجه الطبراني في «فضل عشر ذي الحجة»: (١٣/ ٢)، من حديث علي رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٤/ ٧). (١٩) أخرجه مسلم كتاب «الآداب»: (٢/ ١٠٢٥)، رقم: (٢١٣٧)، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه. (٢٠) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٦١٣)، رقم: (١٣٤٨)، من حديث عائشة رضي الله عنها. (٢١) أخرجه أحمد: (٢/ ٣٠٥)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٣/ ٥٦٠): «رجاله رجال الصحيح»، وصححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (١٥/ ١٩٣)، وحسّنه الوادعي في «الصحيح المسند»: (١٣٦١). (٢٢) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤١٦). (٢٣) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨). (٢٤) أخرجه الترمذي كتاب «الصوم»، باب كراهية صوم يوم عرفة بعرفة: (٧٥٠)، وأحمد: (١/ ٢٧٨)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «صحيح الترمذي»: (٧٥٠). (٢٥) أخرجه الترمذي كتاب «الصوم»، باب كراهية صوم يوم عرفة بعرفة: (٧٥١)، وأحمد: (٢/ ٧٣)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه. وصححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (٧/ ٢١٧)، والألباني في «صحيح الترمذي»: (٧٥١). (٢٦) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ١٧٦). (٢٧) قلت: هذه السنة وهي الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة إنما هي للاحق أما المتخلف الذي يخشى عدم وصوله إليها إلا بعد منتصف الليل فيشرع له الصلاة قبل الوصول إلى مزدلفة لعدم جواز تأخير الصلاة إلى ما بعد نصف الليل، ولا تجب عليه إعادة الصلاة أو قضائها بمزدلفة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من أدرك معنا هذه الصلاة [أي: صلاة الصبح] وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا، فقد تم حجه وقضى تفثه» [أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب من لم يدرك عرفة: (٢/ ٣٣٣)، وأحمد: (٤/ ١٥)، من حديث عروة بن مضرِّس الطائي رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ٢٤٠)، والألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٥٩)] قال ابن قدامة-رحمه الله- في «المغني» (٣/ ٤١٥) في بيان آخر وقت الوقوف يوم عرفة: «لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في أن آخر الوقت طلوع فجر يوم النحر»، فدل ذلك على أن المتخلف يصلي المغرب والعشاء في غير مزدلفة. (٢٨) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨). (٢٩) أخرجه النسائي كتاب «مناسك الحج»، فرض الوقوف بعرفة: (٣٠١٨)، وأحمد: (٥/ ٢٠١)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (٧٨٨٥). (٣٠) الْعَنَقُ: هو السير الذي بين الإبطاء والإسراع، وهو سير سهل في سرعة [«فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥١٨)]. (٣١) الفَجْوَةُ: الموضع المتسع بين الشيئين [«النهاية» لابن الأثير: (٣/ ٤١٤)]. (٣٢) النصُّ: التحريك حتى يخرج أقصى سير الناقة، وأصل النصِّ: أقصى الشيء وغايته، ثم سمِّي به ضرب من السير سريع. [«النهاية» لابن الأثير: (٥/ ٦٤)]. (٣٣) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب السير إذا دفع من عرفة: (١/ ٤٠٢)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٥)، رقم: (١٢٨٦)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما. (٣٤) «الاستذكار»لابن عبد البر: (٤/ ٢٩٦). (٣٥) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب النزول بين عرفة وجمع: (٤٠٢)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٢)، رقم: (١٢٨٠)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 4:03 pm | |
| في أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة «وهو يوم عيد النحر»
-السؤال:
-من الأعمال التي يقوم بها الحاجُّ في يوم عيد النحر: رميُ جمرة العقبة، فنرجو من شيخنا -حفظه الله- أن يبيِّن أحكامَه، ووقتَه، ومستحباتِه، وجزاكم الله خيرا. -الجواب:
-الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد: فيستحبُ للحاجّ التقاطُ حصى الجمارِ من الطريق يوم النحر، والأفضلُ التقاطه من منى، وإن أخذَه من مزدلفةَ أجزأه، قال ابنُ قدامة -رحمه الله-: «ولا خلاف في أنه يجزئه أخذُه من حيث كان»(١)، ويدلّ على الأفضلية حديثُ الفضل بن العباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: « عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ»، وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا، ‑وَهُوَ مِنْ مِنًى‑، عَلَيْكُمْ بِحَصَى الخَذْفِ الذِي يُرْمَى بِهِ الجمْرَةُ»(٢). -ويستحب أن يكون حجمُ حصى الرمي مثلَ حصى الخذف قدر حبة الباقلاء(٣) ما بين حبة الحِمَّص وحبة البندق، والتقاطُها أولى من تكسيرها لهذا الخبر(٤)، ولحديثِ ابن عباس رضي الله عنهما: «قَالَ لي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ العَقَبَةِ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: «هَاتِ الْقُطْ لِي» فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: «بِأَمْثَالِ هَؤُلاءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الغُلُوُّ فِي الدِّينِ»(٥) -فإذا وصلَ إلى جمرةِ العقبة الكبرى(٦) استقبلها وجعل مكةَ عن يساره ومنى عن يمينه، فيرميها بسبع حصياتٍ متعاقباتٍ، يرفع يده عند رمي كلِّ حصاة، ويكبِّر مع كلِّ حصاة، ولا يجزيه أن يرمي الحصياتِ جملةً واحدةً(٧)، ثم يقطع التلبية مع آخر حصاةٍ يرميها لحديث الفضل رضي الله عنه قَال: «أَفَضْتُ مَعَ النبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في عَرَفَاتٍ فَلَمْ يَزَلْ يُلَبي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَطَعَ التَلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ»(٨)، وفي حديثِ عبد الرحمن بنِ يزيد رضي الله عنه أنَّه «كَانَ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ فَاسْتَبْطَنَ الوَادِيَ حَتَّى إِذَا حَاذَى بِالشَّجَرَةِ اعْتَرَضَهَا فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ هَا هُنَا وَالذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ قَامَ الذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ»(٩)، وفي رواية للبخاري-أيضا-: «فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ»(١٠) وإِنْ رماها من الجوانب الأخرى أجزأَه فعلُه إذا وقع الحصى في المرمى، قال الحافظ -رحمه الله -: «وقد أجمعوا على أنَّه من حيث رماها جاز سواء استقبلها أو جعلها عن يمينه أو يساره أو من فوقها أو من أسفلها أو وسطها، والاختلافُ في الأفضل»(١١)، قال ابنُ المنذر -رحمه الله-: «وأجمعوا على أنه إذا رمى على أيِّ حالةٍ كان الرمي إذا أصاب مكان الرمي أجزأه»(١٢).
-وأفضلُ وقتٍ لرميِ جمرة العقبة الكبرى هو من طلوع الشمس إلى الزوال اتفاقًا، قال ابن قدامة -رحمه الله-: «أمّا وقتُ الفضيلة فبعد طلوعِ الشمس، قال ابنُ عبد البر -رحمه الله-: «أجمع علماء المسلمين على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما رماها ضحًى ذلك اليوم(١٣)، وقال جابر: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي الجمْرَةَ ضُحًى يَوْمَ النَحْرِ وَحْدَهُ، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ الشَمْسِ»، أخرجه مسلم(١٤). وقال ابن عباس: قَدَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ فَجَعَلَ يَلْطَح أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ: أُبَيْنِيَّ لا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»(١٥)رواه ابن ماجه. وكان رميُها بعد طلوعِ الشمس يجزي بالإجماعِ وكان أولى»(١٦)
-قال الحافظُ ابنُ حجرٍ -رحمه الله- : «قال ابنُ المنذر: «السنة أن لا يرمي إلاَّ بعد طلوع الشمس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلَّم، ولا يجوزُ الرمي قبل طلوع الفجر لأنَّ فاعله مخالفٌ للسنَّة، ومن رمى حينئذٍ فلا إعادةَ عليه، إذ لا أعلمُ أحدًا قال: لا يجزئه»(١٧)
-وقال الشوكاني - رحمه الله -:«والأدلةُ تدلُّ على أنَّ وقت الرمي بعد طلوع الشمس لمن كان لا رخصة له، ومن كان له رخصة كالنساءِ وغيرِهنَّ من الضَعَفَة جازَ قبل ذلك، ولكنَّه لا يجزئ في أوَّل ليلةِ النحرِ إجماعًا»(١٨). وإِنْ أخّر إلى ما بعد الزوالِ إلى آخر النهارِ جاز إجماعًا. -قال ابنُ عبد البر-رحمه الله-: «وأجمعوا أنَّه إن رماها قبل غروب الشمس من يوم النحر فقد أجزأَ عنه»(١٩) لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى فَيَقُولُ: «لاَ حَرَجَ» فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: «حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ»، فَقَالَ:« اذْبَحْ وَلا حَرَجَ» وَقَالَ: «رَمَيْتُ بَعْدَ أَنْ أَمْسَيْتُ» فَقَالَ:« لا حَرَجَ»(٢٠). -وإن تعذَّر عليه الرميُ إلاَّ ليلاً بعد غروب الشمس من يوم النحر جاز على الصحيح(٢١)، لحديث نافعٍ أن «ابْنَةَ أخٍ لِصَفِيَةَ بِنْتِ عَبْدِ الله نَفِسَتْ بِالمزْدَلِفَةِ، وَتَخَلَّفَتْ هِيَ وَصَفِيَةُ حَتَّى أَتَتَا مِنًى بَعَدَمَا غَرَبَتِ الشَمْسُ يَوْمَ النَحْرِ، فَأَمَرَهُمَا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ أَنْ تَرْمِيَا الجمْرَةَ حِينَ أَتَتَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِمَا شَيْئًا»(٢٢)، وقد رخَّص رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم لرعاءِ الإبل الرميَ بالليل فقال: «الرَّاعِي يَرْمِي بِاللَّيْلِ وَيَرْعَى بِالنَّهَارِ»(٢٣) -ويجوزُ للحاجِّ أن يرمي جمرة العقبة راكبًا من غير أن يدفع الناس، ولا يرمي غيرها يوم النحر إجماعًا، لحديثِ جابرٍ رضي الله عنه قال : «رَأَيْتُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النحْرِ وَيَقُولُ : «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ»(٢٤)، وفي حديث قدامةَ بنِ عبدِ الله رضي الله عنه قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي جَمْرَةَ العَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ صَهْبَاءَ، لاَ ضَرْبَ وَلاَ طَرْدَ وَلاَ إِلَيْكَ إِلَيْكَ»(٢٥). -وقال ابنُ المنذر: « وأجمعُوا على أنَّه لا يرمي في يوم النحر غيرَ جمرةِ العقبة»(٢٦)، ولا يسنُّ الوقوف عند جمرة العقبة بعد رمي الحصيات السبع لأنّ «النَبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ انْصَرَفَ وَلَمْ يَقِفْ»(٢٧). -وليس بمنى صلاةُ عيدٍ، ورميُ جمرة العقبة لهم كصلاةِ العيد لأهلِ الأمصار(٢٨)، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصلِّ جمعةً ولا عيدًا في السفر. -ويُسنُّ للإمام – حين ارتفاع الضحى يوم النحر– أن يخطبَ بمنى فينصح المسلمين ويعلِّمهم مناسكهم، لحديث رافع بن عمرو الْمُزَني قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِمِنًى حِينَ ارْتَفَعَ الضُّحَى عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُعَبِّرُ عَنْهُ وَالنَّاسُ بَيْنَ قَاعِدٍ وَقَائِمٍ»(٢٩)، ولحديثِ أمِّ الحصين رضي الله عنها قالت: «حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الوَدَاعِ فَرَأَيْتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ وَانْصَرَفَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَمَعَهُ بِلالٌ وَأُسَامَةُ أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ مِن الشَّمْسِ، قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ قَوْلاً كَثِيرًا ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ -حَسِبْتُهَا قَالَتْ أَسْوَدُ- يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا»(٣٠) -والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٥ رمضان ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٥ أوت ٢٠٠٩ م (١) «المغني» لابن قدامة : (٣/ ٤٢٥). (٢) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٢)، رقم: (١٢٨٢)، والنسائي كتاب «مناسك الحج»، باب الأمر بالسكينة في الإفاضة من عرفة: (٥/ ٢٥٨)، وأحمد: (١/ ٢١٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. (٣) قال النووي في «شرح مسلم» (٩/ ٢٧،٤٧): «ولو رمى بأكبر أو أصغر جاز مع الكراهة»، قلت: «وإنما الكراهة تقررت في الزيادة أو النقصان لدخولها في باب الغلو في الدين الذي يكون سببا في هلاك صاحبه، وكذا الاغتسال لرمي الجمار وغسل الحصى ورمي الجمرات بالنعال، كل ذلك معدود من محدثات الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي يسندها أو أثر صحيح عن سلف الأمة يدعمها». قال ابن المنذر: «لا يعلم في شيء من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم غسلها أو أمر بغسلها» قال: ولا معنى لغسلها [«المجموع» للنووي: ٨/ ١٥٣]. (٤) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢٥). (٥) أخرجه النسائي كتاب «مناسك الحج»، باب التقاط الحصى: (٣٠٥٧)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب قدر حصى الرمي: (٣٠٢٩)، وأحمد: (١/ ٣٤٧)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه النووي في «المجموع»: (٨/ ١٧١)، وأحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد»: (٥/ ٨٥)، والألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٣/ ٢٧٨). (٦) قال ابن حجر -رحمه الله- في «فتح الباري» (٣/ ٥٨١): «جمرة العقبة: هي الجمرة الكبرى، وليست من منى بل هي حد منى من جهة مكة، وهي التي بايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأنصار عندها على الهجرة، والجمرة اسم لمجتمع الحصى سميت بذلك لاجتماع الناس بها، يقال: تجمر بنو فلان إذا اجتمعوا، وقيل إن العرب تسمي الحصى الصغار جمارا فسميت تسمية الشيء بلازمه، وقيل لأن آدم أو إبراهيم لما غرض له إبليس فحصبه جمر بين يديه أي أسرع فسميت بذلك» وقال -رحمه الله- أيضا في المصدر السابق (٣/ ٥٨٠): «تمتاز جمرة العقبة عن الجمرتين الأخريين بأربعة أشياء: اختصاصها بيوم النحر، وأنه لا يوقف عندها، وترمى ضحى، ومن أسفل استحبابا». (٧) انظر شروط الرمي في فتوى رقم: (٦٠٦). (٨) أخرجه ابن خزيمة: (٤/ ٢٨٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٣٧)، من حديث الفضل بن العباس رضي الله عنهما. قال ابن خزيمة: «هذا حديث صحيح مفسر لما أبهم في الروايات الأخرى وأن المراد بقوله حتى رمى جمرة العقبة أي أتم رميها» [انظر «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥٣٣)]. (٩) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب يكبر مع كل حصاة: (١/ ٤١٩)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٨)، رقم: (١٢٩٦)، من حديث عبد الرحمن بن يزيد. (١٠) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره: (١/ ٤١٩)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٨)، رقم: (١٢٩٦)، من حديث عبد الرحمن بن يزيد. (١١) «فتح الباري»: لابن حجر: (٣/ ٥٨٢) انظر: «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٣٥١)، «شرح مسلم»: للنووي (٩/ ٤٢) (١٢) «الإجماع» لابن المنذر: (٥٢). (١٣) قال ابن عبد البر في «الاستذكار»(٤/ ٢٩٣) : «وأجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رمى يوم النحر في حجته جمرة العقبة بمنى يوم النحر بعد طلوع الشمس. وأجمعوا على أن من رماها ذلك اليوم بعد طلوع الشمس إلى زوالها فقد رماها في وقتها». (١٤) كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٠)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ». (١٥) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب التعجيل من جمع: (٢/ ٣٢٩)، والنسائي كتاب «الحج»، باب النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس: (٣٠٦٤)، وابن ماجه كتاب «الحج»، باب من تقدم من جمع إلى منى: (٣٠٢٥)، وأحمد: (١/ ٣١١)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٧٦). (١٦) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢٩). (١٧) «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥٢٩). (١٨) «نيل الأوطار» للشوكاني: (٦/ ١٦٨) انظر فتوى برقم (١٩٧). (١٩) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٢٩٥). (٢٠) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب إذا رمى بعدما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيا أو جاهلا: (١/ ٤١٦)، من حديث اين عباس رضي الله عنهما. (٢١) فآخر وقت رمي جمرة العقبة هو غروب الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق، فعند أبي حنيفة ومالك: أن من أخرها إلى أيام التشريق عليه دم، وعند الشافعي وأحمد: لا شيء عليه إلا أنه عند أحمد إذا أخر الرمي إلى أيام التشريق لا يرمي إلا بعد الزوال. [انظر المنتقى للباجي: (٣/ ٥٢-٥٣)، «بدائع الصنائع» للكاساني: (٢/ ٢٠٧-٢٠٨)، «الشرح الكبير» لابن قدامة (٣/ ٤٨٠)، «إعانة الطالبين» للدمياطي: (٢/ ٣٤٨)]. (٢٢) أخرجه مالك في «الموطإ»: (١/ ٤٠٩)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٥٠)، عن نافع رحمه الله. والأثر صححه زكريا غلام قادر الباكستاني في «ما صح من آثار الصحابة في الفقه»: (٢/ ٨٤٠). (٢٣) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٥١)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٦٢٢). (٢٤) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٩)، رقم: (١٢٩٧)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب في رمي الجمار: (٢/ ٣٤٠)، وأحمد: (٣/ ٣٣٧)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (٢٥) أخرجه الترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء في كراهية طرد الناس عند رمي الجمار: (٩٠٣)، والنسائي كتاب «الحج»، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم: (٣٠٦١)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب رمى الجمار راكبا: (٣٠٣٥)، وأحمد: (٣/ ٤١٣)، من حديث قدامة بن عبد الله العامري رضي الله عنه. والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ٢٥٨)، والألباني في «المشكاة»: (٢/ ٨٠٦). (٢٦) «الإجماع» لابن المنذر: (٥٢). (٢٧) أخرجه البخاري كتاب «الحج» باب إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة: (١/ ٤٢٠)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب إذا رمى جمرة العقبة لم يقف عندها: (٣٠٣٢)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (٢٨) قال ابن تيمية - رحمه الله – في «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٧٠) : «ومما يغلط فيه الناس: اعتقاد بعضهم أنه يستحب صلاة العيد بمنى يوم النحر حتى قد يصليها بعض المنتسبين إلى الفقه، أخذا فيها بالعمومات اللفظية أوالقياسية وهذه غفلة عن السنة ظاهرة، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلفاءه لم يصلوا بمنى عيدا قط، وإنما صلاة العيد بمنى هي جمرة العقبة، فرمي جمرة العقبة لأهل الموسم بمنزلة صلاة العيد لغيرهم ولهذا استحب أحمد أن تكون صلاة أهل الأمصار وقت النحر بمنى ولهذا خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم النحر بعد الجمرة كما كان يخطب في غير مكة بعد صلاة العيد ورمي الجمرة تحية منى كما أن الطواف تحية المسجد الحرام». (٢٩) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب أي وقت يخطب يوم النحر: (٢/ ٣٣٥)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٤٠)، من حديث رافع بن علي المزني رضي الله عنه. والحديث صححه النووي في «المجموع»: (٨/ ٩٠)، والألباني في «صحيح أبي داود»: (١٩٥٦). (٣٠) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٩) رقم: (١٢٩٨)، من حديث أم الحصين رضي الله عنها. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 4:04 pm | |
| في أعمال الذبح يوم عيد النحر -السؤال: -نرجو من شيخنا -حفظه الله- ذِكرَ أحكامِ الذبح والنحر من أعمال الحج، التي تكون في اليوم العاشر من ذي الحجة؟ -الجواب: -الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد: -فالسنةُ أن يأتي الحاجُّ المنحر بمنى –بعد الفراغ من رمي جمرة العقبة – لينحر هديه أو يذبحه فيه، فإن تعذَّر عليه فيجوز له ذلك في أي مكان وسعه في منى أو في مكة إن كان متمتعا أو قارنا وساق الهدي معه(١) ويدلّ على ذلك قوله تعالى ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ [الحج: ٣٦] وقوله تعالى ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٢-٣٣] قال ابن عبد البر -رحمه الله-: «أجمعُوا أنَّ قوله عزَّ وجل: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ لم يُرِد به الذبح ولا النحرَ في البيت العتيق، لأنَّ البيت ليس بموضع للدماء، لأنَّ الله تعالى قد أمر بتطهيره، وإنما أراد بذكره البيت العتيق مكةَ ومنىً»(٢)، ويؤيِّده قولُه صلى الله عليه وآله وسلم :«قَدْ نَحَرْتُ هَا هُنَا، وَمِنَى كُلُّهَا منْحَرٌ»(٣)، وقوله: «وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَةَ طَرِيقٌ وَمنْحَرٌ»(٤)، وقوله: «فَانْحَرُوا في رِحَالِكُمْ»(٥). -والهديُ الواجبُ شاةٌ عن المتمتع والقارن خاليةً من العيوب، وبلغت السنَّ المجزئ لذبحها(٦) ويجوز اشتراك كلّ سبعة في بقرة أو بدنة، والسنةُ أن يذبحها مستقبلا بها القبلةَ، فيضجعها على الجانب الأيسر، ويضع قدمه اليمنى على جانبها الأيمن قال ابن حجر -رحمه الله-: «واتفقوا على أنّ إضجاعها يكون على الجانب الأيسر فيضع رجله على الجانب الأيمن ليكون أسهل على الذابح أن يأخذَ السكين باليمين، وإمساكَ رأسها بيده اليسار»(٧). -والسنةُ في الإبلِ نحرُها مقيَّدةَ الرجل اليسرى، قائمةً على بقية قوائمها، ووجهُها قِبَلَ القبلة، ويقولُ عند النحر أو الذبح: «بِسْمِ الله، وَالله أكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَإِلَيْكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي». -ويدلّ على ذلك حديثُ عائشة رضي الله عنها قالت :«أَهْدَى النبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً غَنَمًا»(٨) وفي حديث جابر رضي الله عنه قال: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الإِبِلِ وَالبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ»(٩)، وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال :«ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ»(١٠)، وعنه رضي الله عنه «أَنَّ النبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لما دَخَلَ مَكَّةَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَنَحَرَ النَّبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا»(١١)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما «أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(١٢)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ [الحج:٣٦] قال: «قِيَامًا عَلَى ثَلاثِ قَوَائِمَ مَعْقُولَةً يَدُهَا اليُسْرَى، يَقُولُ: بِسْمِ اللهِ والله أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلاَّ الله، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ»(١٣) -وفي الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ذبح يوم العيد كبشين – وفيه – ثمّ قال: «بِسْمِ الله وَالله أَكْبَرُ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ»(١٤)، وفي حديث عائشة رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال عند الذبح: «بِسْمِ الله، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ»(١٥) قال النووي: «فيه دليل لاستحباب قول المضحي حال الذبح مع التسمية والتكبير: اللّهم تقبل مني،»(١٦). -ويُستحب له أن ينحر هديه بيده إن تيسر ذلك، ويجوز له أن يستنيب غيره لحديث جابرِ بنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويل وفيه: « ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ»(١٧). -وله أن يأكلَ من هديه وأن يتزوَّد منه إلى بلده وأهله، ويُطعِمَ منها الفقير والمعتر(١٨)، ويتصدق بها لقوله تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨]، ولقوله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الحج: ٣٦]، -وفي حديث جابرٍ رضي الله عنه قال: «ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا»(١٩) وعنه رضي الله عنه يقول: «كُنَّا لا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلاثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا» فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا»(٢٠)، وعنه رضي الله عنه أيضًا: «كُنَّا نَتَزَوَّدُ مِنْ لحُومِ الهدْيِ عَلَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى المدِينَةِ»(٢١) -ولا يجوزُ أن يعطيَ الجزَّار أجره من الهدي، ويُستحب له التصدق بجلود الهدي وجِلاله لحديث عليٍّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلالَهَا وَلا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا»(٢٢). -قال ابنُ قدامةَ – رحمه الله -: «وإنما لم يعط الجازر بأجرته منها لأنَّه ذبحها فعِوَضُهُ عليه دون المساكين، ولأنَّ دفع جزءٍ منها عوضًا عن الجِزارة كبيعه ولا يجوز بيع شيء منها، وإن كان الجازر فقيرًا فأعطاه لفقره سوى ما يعطيه أجرَه جاز، لأنَّه مستحقُ الأخذِ منها لفقره لا لأجره فجاز كغيره، ويُقسِّم جلودها وجلالها كما جاء في الخبر، لأنه ساقها لله على تلك الصفة فلا يأخذ شيئًا مما جعله لله»(٢٣). -ووقتُ نحر الهدي والأضحية أربعةُ أيام العيد، وهي مدةٌ تبدأ بعد الرمي من يوم النحر وتمتدُّ إلى غروب الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق(٢٤) لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم «كُلُّ أَيَّامِ التَشْرِيقِ ذَبْحٌ»(٢٥). -وإذا لم يجدِ المتمتعُ أو القارنُ هديًا فالواجبُ عليه اتفاقًا أن يصوم ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةً إذا رجع إلى أهله لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦] قال ابنُ قدامة -رحمه الله-: «لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أنَّ المتمتع إذا لم يجد الهدي ينتقل إلى صيامِ ثلاثةِ أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع تلك عشرةٌ كاملة، وتعتبر القدرة في موضعه فمتى عَدِمَه في موضعه جاز له الانتقالُ إلى الصيام وإن كان قادرًا عليه في بلده، لأنَّ وجوبه مؤقت، وما كان وجوبُه مؤقتًا اعتبرت القدرة عليه في موضعه، كالماء في الطهارة إذا عَدِمَه في مكانه انتقل إلى التراب»(٢٦) ولا يُشترط التتابع في صوم الثلاثة الأيام ولا في صومِ السبعة، فيجوز فيها التتابع والتفريق لانتفاء شرط التتابع بالنصِّ، والأفضلُ تأخير صوم السبعة إلى حينِ الرجوع إلى أهله، لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَامٍ في الحجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ»(٢٧). وهو مخيَّرٌ في صيام الثلاثة قبل النحر لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنْ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فَعَلَيْهِ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنْ الأَيَّامِ الثَّلاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ»(٢٨). -وإن شاء صامها في أيام التشريق، ويدلّ عليه حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا: «لم يُرَخَّصْ في أَيَّامِ التَشْرِيقِ أَنْ يُصَمْن إِلاَّ لمنْ لَمْ يَجِدِ الهدْيَ»(٢٩) وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: «الصِيَامُ لمنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحجِّ إِلى يَوْمِ عَرفَةَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى»(٣٠) قال الترمذي –رحمه الله- : «والعملُ على هذا عند أهلِ العلم يكرهون الصيامَ أيام التشريقِ إلاَّ أنَّ قومًا من أصحابِ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وغيرِهم رخَّصوا للمتمتع إذا لم يجد هديًا ولم يصم في العشر أن يصومَ أيَّام التشريق، وبه يقول مالكُ بنُ أنسٍ والشافعي وأحمد وإسحاق»(٣١) -لكن لا يجوز له أن يصومها يوم النحر ولا أن يؤخِّرها عن أيام التشريق، قال ابنُ عبد البر -رحمه الله-: «وأجمع العلماءُ على أنَّ الثلاثة الأيام إن صامها قبل يوم النحر فقد أتى بما يلزمُه من ذلك، ولهذا قال من قال من أهل العلم بتأويل القرآن في قوله ﴿ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ في الحجِّ﴾ قال آخرُها يوم عرفة وكذلك أجمعُوا أنه لا يجوز له ولا لغيره صيام يوم النحرِ»(٣٢) -ويُستثنى أهلُ الحرم من وجوب الهدي، ويسقطُ عنهم دم المتعة اتفاقًا، قال ابنُ قدامة -رحمه الله -: «ولا خلاف بين أهل العلمِ في أنَّ دم المتعة لا يجب على حاضري المسجد الحرام، إذ قد نصَّ الله تعالى في كتابه بقوله سبحانه: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٦] ولأنَّ حاضرَ المسجدِ الحرامِ ميقاته مكة، فلم يحصل له الترفُهُ بتركِ أحدِ السفرين»(٣٣) -والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. الجزائر في: ٠٥ رمضان ١٤٣٠ﻫ الموافق ﻟ: ٢٥ أوت ٢٠٠٩م (١) فالقارن يلزمه سوق الهدي معه وإلا وجب عليه التحلل بالعمرة ليكون متمتعا.
(٢) «الاستذكار» لابن عبد البر ٤/ ٢٥٦ ).
(٣) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٩)، رقم: (١٢١٨)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: (٢/ ٣١٨)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(٤) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الصلاة بجمع: (٢/ ٣٢٨)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الذبح: (٣٠٤٨)، وأحمد: (٣/ ٣٢٦)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والحديث حسّنه الزيلعي في «نصب الراية»: (٣/ ١٦٢)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٥٩٧).
(٥) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٩)، رقم: (١٢١٨)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: (٢/ ٣١٩)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(٦) قال ابن قدامة –رحمه الله – ( ٣/ ٥٥٣) : « ويمنع من العيوب في الهدي ما يمنع في الأضحية ، قال البراء بن عازب :« قام فينا رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فقال :أربع لا تجوز في الأضاحي :العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي لا تنقى،قال: قلت :إني أكره أن يكون في السن نقص، قال :ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد» رواه أبو داود والنسائي ... فهذه الأربع لا نعلم بين أهل العلم خلافا في منعها ،ويثبت الحكم فيما فيه نقص أكثر من هذه العيوب بطريق التنبيه» [بتصرف]
(٧) « فتح الباري» لابن حجر: ( ١٠/ ١٨ ).
(٨) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب تقليد الغنم: (١/ ٤٠٩)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٩) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٦)، رقم: (١٣١٨)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(١٠) أخرجه البخاري كتاب «الأضاحي»، باب من ذبح الأضاحي بيده: (٣/ ١٢٤)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(١١) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب نحر البدن قائمة: (١/ ٤١١)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(١٢) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب نحر الإبل مقيّدة: (١/ ٤١١)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٨)، رقم: (١٣٢٠)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(١٣) «تفسير ابن كثير»: (٣/ ٢٢٢)، والأثر أخرجه الطبري في «تفسيره»: (٩/ ١٥٢)، والحاكم في «المستدرك»: (٤/ ٢٦٠) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».
(١٤) أخرجه أبو داود كتاب «الضحايا»، باب ما يستحب من الضحايا: (٣/ ١٥٨)، وأحمد: (٣/ ٣٧٥)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٣٦٦).
(١٥) أخرجه مسلم كتاب «الأضاحي»: (٢/ ٩٤٦)، رقم: (١٩٦٧)، وأبو داود كتاب «الضحايا»، باب ما يستحب من الضحايا: (١/ ١٥٧)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(١٦) «شرح مسلم» للنووي: (١٣/ ١٢٢).
(١٧) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(١٨) المعتر: هو الذي يتعرض لك ويلم بك لتعطيه ولا يسأل [انظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : (٢٩٣) وفتح القدير للشوكاني: (٣/ ٤٥٤)]
(١٩) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٢٠) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما يأكل من البدن وما يتصدق: (١/ ٤١٣)، ومسلم كتاب «الأضاحي»: (٢/ ٩٤٨)، رقم: (١٩٧٢)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢١) أخرجه البخاري كتاب «الأطعمة»، باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام واللحم وغيره: (٣/ ٩٢)، ومسلم كتاب «الأضاحي»: (٢/ ٩٤٩)، رقم: (١٩٧٢)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢٢) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب يتصدق بجلود الهدي: (١/ ٤١٢)، من حديث علي رضي الله عنه.
(٢٣) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٣٣).
(٢٤) انظر «المجموع» للنووي: (٨/ ٣٩٠).
(٢٥) أخرجه أحمد: (٤/ ٨٢)، وابن حبان في «صحيحه»: (٩/ ١٦٦)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٢٣٩)، من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه.والحديث حسّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٦١٧).
(٢٦) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٧٦).
(٢٧) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من ساق البدن معه: (١/ ٤٠٧)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٦٣)، رقم: (١٢٢٧)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢٨) أخرجه البخاري كتاب «التفسير»، باب ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس: (٢/ ٤٦٦)، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢٩) أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صيام أيام التشريق: (١/ ٤٧٧)، من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم.
(٣٠) أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صيام أيام التشريق: (١/ ٤٧٧)، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣١) «سنن الترمذي»: (٣/ ١٤٤).
(٣٢) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٤١٣).
(٣٣) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٧٢). الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 4:06 pm | |
| في طواف الإفاضة -السؤال: -من أعمال الحجّ في اليوم العاشر من ذي الحجة: طوافُ الإفاضة، فما هو حكمُه؟ وما أفضلُ أوقاته؟ وهل يُشرع معه السعي بين الصفا والمروة؟ -الجواب: -الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على منْ أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانهِ إلى يوم الدِّين أمّا بعد: فيتوجه الحاجّ مفيضًا من منى إلى مكةَ ليطوف ببيت الله الحرام سبعةَ أشواطٍ، ويكون طوافُه كصفةِ طواف القدوم لكن من غيرِ هيئة الاضطباع، ولا رملٍ، سوى أنه ينوي به طواف الزيارة لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(١)، ويُسمى هذا الطوافُ بطوافِ «الإفاضة» أو طوافِ «الزيارة»، وهو ركنٌ من أركان الحجِّ لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، قال ابنُ قدامة -رحمه الله-: «ويُسمّى طوافَ الإفاضة لأنَّه يأتي به عند إفاضته من منًى إلى مكةَ وهو ركن للحجِّ لا يتمُّ إلاَّ به، لا نعلم فيه خلافًا، ولأنّ الله عز وجلَّ قال: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] قال ابنُ عبد البر-رحمه الله: هو من فرائض الحجِّ لا خلافَ في ذلك بين العلماء، وفيه عند جميعهم قال الله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾، وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: «حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ. -قَالَ: حَابِسَتُنَا هِيَ. -قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ. -قَالَ: اخْرُجُوا»(٢) متفق عليه. -فدلّ على أنَّ هذا الطواف لا بُدَ منه وأنه حابسٌ لمن لم يأت به، ولأنّ الحجّ أحد النسكين فكان الطوافُ ركنًا كالعمرةِ»(٣). -وفي حديثِ ابنِ عباس رضي الله عنهما «أَنَّ النبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْمُلْ في السَبْعِ الذِي أَفَاضَ فِيهِ»(٤). -وأفضلُ وقت طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق أو التقصير، موافقةً لفعله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد روى جابر رضي الله عنه في صفة حجِّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يوم النحر قوله: «فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ»(٥) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى(٦)»(٧) ولحديث عائشة رضي الله عنها الذي ذكرت فيه حيض صفيةَ رضي الله عنها قالت: «فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَحْرِ»(٨) ويجوزُ تأخيرُه إلى الليل لكن بقيد العودةِ إلى لبس ثوبي الإحرام من جديد كهيأته حين كان محرمًا كما ثبت في الحديث السابق(٩)، كما يجوز له أن يؤخِّره إلى آخر يوم من أيام الحج، علمًا أن آخر وقته مطلق غير مقيد بحدٍّ شرعي، قال ابن قدامة رحمه الله: «والصحيح أنّ آخر وقته غير محدود، فإنّه متى أتى به صحّ بغير خلاف، وإنما الخلاف في وجوب الدم، فيقول: إنه طاف بعد أيام النحر طوافًا صحيحًا فلم يلزمه دمٌ كما لو طاف أيام النحر، فأمَّا الوقوف والرمي فإنهما لما كانا موقتين كان لهما وقت يفوتان بفواته، وليس كذلك الطواف فإنّه متى أتى به صحَّ»(١٠)، وقال النووي –رحمه الله– : «ذكرنَا أنّ مذهبنا أنّ طواف الإفاضة لا آخرَ لوقته، بل يبقى ما دام حيًّا ولا يلزمه بتأخيره دمٌ، قال ابنُ المنذر: ولا أعلمُ خلافا بينهم في أن من أخره وفعله في أيّام التشريق أجزأه ولا دم، فإن أخَّره عن أيّام التشريق فقد قال جمهور العلماء كمذهبنا لا دم»(١١). -ثم يُصلِّي ركعتين بعد الطواف لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «على كُلّ سُبُع ركعتانِ»(١٢) ويستحب له أن يُصليَهما خلف مقام إبراهيم عليه السلام، فإن لم يتيسر له ذلك فله أن يصليَهما في أي موضع من المسجد، فإن لم يفعل ففي أي موضع من الحرم، وإلا ففي أي موضع من الأرض، لأنَّ وقتها لا يفوت. قال ابنُ حجر -رحمه الله- : «من نسي ركعتي الطواف قضاهما حيثُ ذكرهما من حلٍّ أو حرمٍ وهو قول الجمهور»(١٣). -ويجوزُ صلاتهما في وقت الكراهة عند الجمهور أيضًا لحديث جبير بن مُطْعِمٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، مَنْ وَلِيَ مِنْكُم مِنْ أَمْرِ النَاسِ شَيْئًا فَلاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدًا طَافَ بهذَا البَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نهارٍ»(١٤) -ثم يسعى المتمتعُ بين الصفا والمروة سبعة أشواط كصفةِ سعيه في طواف القدوم، وهذا السعي لحجِّه والسعي الأول لعمرته، بخلاف القارن والمفرد يكفيهما السعي الأول، ويدلُّ عليه حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ثُمَّ لا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا فَقَدِمْتُ مَكَّةَ -وَأَنَا حَائِضٌ- فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا»(١٥) -وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: « أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ: اجْعَلُوا إِهْلالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلاَّ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ فَإِذَا فَرَغْنَا مِنْ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ»(١٦) وفي حديث جابرِ بنِ عبد الله رضي الله عنهما قال: «لَمْ يَطُفِ النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلاَ أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمرْوَةِ إِلاَّ طَوَافًا وَاحِدًا»(١٧) وفي رواية: «إِلاَّ طَوَافًا وَاحِدًا طَوَافَهُ الأَوَّلَ»(١٨) فحديث عائشة وابنِ عباس رضي الله عنهم صريحٌ في سعي المتمتع مرتين، وأمّا حديث جابر فمحمول على من ساق الهدي من الصحابة الذين كانوا قارنين. -قال ابنُ القيم –رحمه الله– «فالصواب أنّ الطواف الذي أخبرت به عائشة رضي الله عنها وفرَّقت به بين المتمتع والقارن هو الطواف بين الصفا والمروة لا الطواف بالبيت، وزال الإشكال جملةً، فأخبرت عن القارنين أنهم اكتفوا بطواف واحد بينهما لم يضيفوا إليه طوافًا آخرَ يوم النحر، وهذا هو الحقّ، وأخبرت عن المتمتعين أنهم طافوا بينهما طوافا آخر بعد الرجوع من منًى للحجِّ، وذلك الأوّل كان للعمرة، وهذا قول الجمهور، وتنزيل الحديثِ على هذا موافقٌ لحديثها الآخر، وهو قولُ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:«يَسَعُكِ طَوَافُكِ بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمرْوَةِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ»(١٩) وكانت قارنةً، ويوافق قولَ الجمهور، ولكن يشكل عليه حديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه: «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلاَ أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمرْوَةِ إلاَّ طَوَافًا وَاحِدًا، طَوَافَهُ الأَوَّلَ»(٢٠) هذا يوافقُ قول من يقول: يكفي المتمتعَ سعيٌ واحدٌ، كما هو إحدى الروايتين عن أحمدَ -رحمه الله- نصَّ عليها في رواية ابنه عبدِ الله وغيرِه، وعلى هذا فيُقال: عائشةُ أَثْبَتَتْ وجابرٌ نَفَى، والمثبِتُ مقدَّمٌ على النافي، أو يُقال: مرادُ جابرٍ مَنْ قَرَنَ مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وساق الهدي كأبي بكر وعمرَ وطلحةَ وعليٍّ رضي الله عنهم وذوي اليَسَارِ، فإنهم إنما سَعَوْا سعيًا واحدًا، وليسَ المرادُ به عمومَ الصحابةِ»(٢١) -فإذَا انتهَى من طوافِ الإفاضةِ يحلُّ التحلُّلَ الأكبرَ فيُباحُ له كلُّ محظُور حرِّمَ عليه بالإحرامِ حتى نساؤُه، ويُسمَّى ﺑ«التحلّل الثاني»، ويدلُّ عليه الأحاديثُ المتقدمةُ في «التحلُّل الأول» ثم يصلِّي الظهر بمكةَ(٢٢)، ويُستحبُّ له أن يأتيَ زمزمَ بعد الطواف، ويشربَ ويتضلَّعَ منه ويدعوَ بما تيسَّر من الدعاءِ النافعِ، لحديثِ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الطويلِ وفيه: «ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ: انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلا أَنْ يَغْلِبَكُمْ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ»(٢٣)، ولقولهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»(٢٤)، وفي حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنهُ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال فيهِ: «إِنَّهُ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ»(٢٥). -ثمّ يرجع بعد هذا إلى منًى للمبيت بها ولا يبيتُ بمكة لَيَالِيَ التشريق لحديث ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى»(٢٦)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وسلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ [حِينَ صَلَّى الظُهْرَ] ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بها لَيَالِيَ أَيَّامِ التَشْرِيقِ»(٢٧) والمرأةُ إذا حاضت -وهي محرمة- قبل أن تطوف للإفاضة فإنها تقوم بأعمالِ الحاجِّ من الوقوف بعرفة والمبيتِ بمزدلفة والمبيتِ بمنى ورميِ الجمار وتقصيرِ شعر رأسها إلاَّ أنها تؤخِّر طواف الإفاضة حتى تطهر من حيضها وتغتسل ثمّ تطوف بالبيت للإفاضة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشةَ رضي الله عنها وهي محرمة وقد حاضت: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي بِالبَيْتِ»(٢٨) -والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. الجزائر في: ٠٥ رمضان ١٤٣٠ﻫ الموافق ﻟ: ٢٥ أوت ٢٠٠٩ م (١) أخرجه البخاري كتاب «بدء الوحي»، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (١/ ٣)، ومسلم كتاب «الإمارة»: (٢/ ٩٢٠)، رقم: (١٩٠٧)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. (٢) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الزيارة يوم النحر: (١/ ٤١٥)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٦٠٢)، رقم: (١٣٢٨)، من حديث عائشة رضي الله عنها. (٣) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٤٠). (٤) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الإفاضة في الحج: (٢/ ٣٤٩)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب زيارة البيت: (٣٠٦٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث سكت عنه الحافظ في «التلخيص الحبير»: (٢/ ٥٠٧)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود»: (٢٠٠١). (٥) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨). (٦) ينتفي التعارض بالجمع بين رواية جابر رضي الله عنهما في صلاته صلى الله عليه وآله وسلم بمكة ورواية ابن عمر رضي الله عنهما في صلاته بمنى على ما ذكره النووي – رحمه الله – في «شرح مسلم» (٨/ ١٩٣) حيث قال: «ووجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم طاف للإفاضة قبل الزوال ثم صلى الظهر في أول وقتها، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك فيكون متنفلا بالظهر الثانية التي بمنى، وهذا كما ثبت في الصحيحين في صلاته صلى الله عليه وآله وسلم ببطن نخل أحد أنواع صلاة الخوف فإنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى بطائفة من أصحابه الصلاة بكمالها وسلم بهم ثم صلى بالطائفة الأخرى تلك الصلاة مرة أخرى فكانت له صلاتان ولهم صلاة». (٧) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٣)، رقم: (١٣٠٨)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب الإفاضة في الحج: (٢/ ٣٤٨)، وأحمد: (٢/ ٣٤)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (٨) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الزيارة يوم النحر: (١/ ٤١٥)، من حديث عائشة رضي الله عنها. (٩) انظر فتوى: الجزء الثاني (١٠) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٤١). (١١) «المجموع» للنووي: (٨/ ٢٢٤) وقال في «شرح مسلم» (٩/ ٥٨): «وقد أجمع العلماء على أن هذا الطواف وهو طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يصح الحج إلا به، واتفقوا على أنه يستحب فعله يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق، فإن أخره عنه في أيام التشريق أجزأه ولا دم عليه بالإجماع، فإن أخره إلى ما بعد أيام التشريق وأتى به بعدها أجزأه أجزأه ولا شيء عليه عندنا وبه قال جمهور العلماء، وقال مالك وأبو حنيفة إذا تطاول لزمه معه دم». (١٢) أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»: (٥/ ٦٤)، رقم: (٩٠١٢)، وصحح إسناده الألباني في «حجة النبي»: (٣٧). (١٣) «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٤٨٧). (١٤) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الطواف بعد العصر: (٢/ ٣٠٨)، والترمذي كتاب «الحج» باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف: (٨٦٨)، والنسائي كتاب «المواقيت»، باب إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة: (٥٨٥)، وأحمد: (٤/ ٨٤)، من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه. والحديث صححه النووي في «الخلاصة»: (١/ ٢٧٢)، والألباني في «الإرواء»: (٢/ ٢٣٩). (١٥) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب طواف القارن: (١/ ٣٩٤)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٤٧)، رقم: (١٢١١)، من حديث عائشة رضي الله عنها. (١٦) أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم كتاب «الحج»، باب قول الله تعالى: ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام: (١/ ٣٨٠)، وأخرجه موصولا: البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٢٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وصححه الألباني في «حجة النبي»: (٨٧)، وانظر: «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥٣١). (١٧) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٤)، رقم: (١٢١٥)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (١٨) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٤)، رقم: (١٢١٥)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب طواف القارن: (٢/ ٣٠٩)، (٣/ ٣١٧)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (١٩) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٤)، رقم: (١٢١٥)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب طواف القارن: (٢/ ٣٠٩)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. (٢٠) سبق تخريجه. (٢١) «زاد المعاد» لابن القيم: (٢/ ٢٧٣). (٢٢) وقال ابن عمر رضي الله عنهما: إنه صلى الظهر بمنى وقد تقدم وجه الجمع بينهما في ص ... (٢٣) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨). (٢٤) أخرجه ابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الشرب من زمزم: (٣٠٦٢)، وأحمد في «مسنده»: (٣/ ٣٥٧)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٤٨)، من حديث جابر رضي الله عنه. والحديث حسّنه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (٢/ ١٣٦)، وابن القيم في «زاد المعاد»: (٤/ ٣٦٠)، وصححه الألباني في «إرواء الغليل»: (٤/ ٣٢٠). (٢٥) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٤٧)، والطبراني في «المعجم الصغير»: (١/ ١٨٦)، والطيالسي في «مسنده»: (٤٥٧)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه. والحديث صححه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (٢/ ١٣٥)، والألباني في «صحيح الجامع»: (٢٤٣٥). وأصله في صحيح مسلم: كتاب «فضائل الصحابة»: (٢/ ١١٥٥)، رقم: (٣٤٧٣)، بلفظ: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ». (٢٦) سبق تخريجه (انظر الهامش ٠٧) (٢٧) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب في رمي الجمار: (٢/ ٣٤٠)، وأحمد: (٦/ ٩٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث حسّنه المنذري كما ذكره الزيلعي في «نصب الراية»: (٣/ ٨٤)، وسكت عنه الحافظ في «التلخيص الحبير»: (٢/ ٥٣٢)، وانظر: «الإرواء»: (٢/ ٢٨٢)، و«صحيح أبي داود» (١٩٧٣). (٢٨) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلاّ الطواف بالبيت: (١/ ٣٩٨)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٤٩) رقم: (١٢١١)، من حديث عائشة رضي الله عنها. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
هبة الله Admin
المساهمات : 190 تاريخ التسجيل : 13/09/2012
| موضوع: رد: ملف كامل لفتاوى الحج الأربعاء ديسمبر 07, 2016 4:08 pm | |
| في أعمال الحجِّ بمزدلفة -السـؤال:
-ما هي الأعمال التي يقوم بها الحاجّ عند وصوله إلى مزدلفة إلى مغادرتها؟ -الجـواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد: • فإذا حلَّ الحاجُّ بمزدلفةَ صَلَّى بها المغرب ثلاثَ ركعاتٍ والعشاءَ ركعتين قصرًا، ويجمع بينهما بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، قال ابن عبد البر -رحمه الله-: «أجمع العلماء على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع من عرفة في حَجَّته بعدما غربت الشمس يومَ عرفةَ أَخَّرَ صلاة المغرب ذلك الوقت فلم يُصَلِّها حتى أتى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء، جمع بينهما بعدما غاب الشَّفَق، وأجمعوا على أنَّ سُنَّة الحاجِّ كلهم في ذلك الموضع»(١). - والسُّنَّة التعجيل بالصلاتين، وأن يصلي قبل حطِّ الرحال، وإن فصل بينهما وأخَّر العشاء لحاجة لم يضره ذلك، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «فإذا وصل إلى المزدلفة صلى المغرب قبل تبريك الجِمال إن أمكن، ثُمَّ إذا برَّكوها صلَّوا العشاء، وإن أخَّر العشاء لم يضره ذلك»(٢). - ولا يتنفل بينهما ولا بعدهما، قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «والسُّنَّة أن لا تَطَوُّع بينهما، قال ابن المنذر: ولا أعلمهم يختلفون في ذلك»(٣). - ثمَّ يبيت فيها حتى يطلع فجر اليوم العاشر من ذي الحِجَّة وهو يوم العيد، فإذا تبيَّن له الفجر فالسُّنَّة أن يعجِّل الصلاة في أول وقتها في المزدلفة بأذان وإقامة، ويدلُّ على ذلك حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: «فَجَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا»(٤). -وفي حديث جابر رضي الله عنهما قال: «حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ»(٥). • ويتأكَّد في حقِّ الحاج الوقوف بعد صلاة الفجر بمزدلفة(٦)، إلاَّ في بطن مُحَسِّر(٧)، فليس منها ويستحبُّ له أن يأتي المشعر الحرام فيرقى عليه أو يقرب منه إن أمكنه من غير إلزام، فإن وقف في أيِّ موضعٍ من مزدلفةَ أجزأه، فيستقبل القِبلة في وقوفه، فيَذكر ويُلَبِّي، ويرفع يديه حالَ الدعاء، ويبقى على هذه الحال حتى يُسْفِر جِدًّا، ثمَّ يدفع من المزدلفة قبل طلوع الشمس وعليه سكينة ووقار، قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «لا نعلم خلافًا في أنَّ السُّنَّة الدفع قبل طلوع الشمس، وذلك لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعله، قال عمر: «إِنَّ المشْرِكِينَ كَانُوا لاَ يَفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ(٨) كَيْمَا نَغِيرُ، وأنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلعَ الشَمْسُ»»(٩). ويدلُّ عليه قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: ١٩٨]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَقَفْتُ هَا هُنَا(١٠) وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»(١١)، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ شَهِدَ صَلاَتَنَا هَذِهِ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَقَدْ أَتَمَّ حَجَّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ»(١٢)، وفي حديث عليٍّ رضي الله عنه قال: «فَلَمَّا أَصْبَحَ وَقَفَ عَلَى قُزَحَ فَقَالَ: هَذَا قُزَحُ وَهُوَ الْمَوْقِفُ وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»(١٣)، وفي حديث ابن عباس قال: «كَانَ يُقَالُ: ارْتَفِعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ»(١٤)، وفي حديث جابر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ»(١٥)، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ»(١٦)، وفي حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا: «عَلَيْكُمْ بِالسَكِينَةِ»(١٧). • يعفى من المبيت بمزدلفة المُسِنُّون والعجزة والمرضى والصبيان والضعفة من الرجال والنساء، فيُرَخَّص لهم أن يدفعوا إلى مِنًى قبل الفجر إذا غاب القمر، أي بعد منتصف ليلة العيد لرمي جمرة العقبة الكبرى تفاديًا للزحام وخشيةَ حَطْمَةِ الناس. قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «ولا نعلم فيه مخالفًا؛ ولأنَّ فيه رِفْقًا بهم، ودفعًا لمشقَّة الزِّحام عنهم واقتداء بفعل نبيِّهم صلى الله عليه وآله وسلم»(١٨). -ويدلُّ عليه حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «نَزَلْنَا الْمُزْدَلِفَةَ فَاسْتَأْذَنَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ سَوْدَةُ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ وَكَانَتْ امْرَأَةً بَطِيئَةً فَأَذِنَ لَهَا فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَأَقَمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا نَحْنُ ثُمَّ دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ فَلأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ»(١٩)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ»(٢٠)، وعنه رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ وَثقْلَهُ صَبِيحَةَ جمعٍ أَنْ يفِيضُوا مَعَ أَوَّلِ الفَجْرِ بِسَوَادٍ، وَلاَ يَرْمُوا الجمْرَةَ إِلاَّ مُصْبِحِينَ»(٢١). إذا فرغ من صلاة الفجر بمزدلفة ثمّ الذكر والدعاء حتى يسفر جدّا، ويتوجه الحاجّ قبل طلوع الشمس إلى منى، ويستحبُّ له التلبية والتكبير والتهليل في طريقه إلى مِنًى حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «لأنَّ التلبية من شعار الحج فلا يقطع إلاَّ بالشروع في الإحلال، وأوله رمي جمرة العقبة»(٢٢). -ويستحبُّ له الإسراع في بطن مُحسِّر إن كان ماشيًا أو بتحريك مركبه قليلاً إن كان راكبًا إن تيسَّر له ذلك، ثمَّ يأخذ الطريق الوسطى التي تخرجه إلى الجمرة الكبرى. -ويدلُّ على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ أسامة بن زيد رضي الله عنهما كان ردف النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عرفة إلى المزدلفة ثمَّ أردف الفضل من المزدلفة إلى مِنًى قال فكلاهما قالا: «لَمْ يَزَل النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ»(٢٣)، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: «وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ لَقَدْ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ إِلاَّ أَنْ يَخْلِطَهَا بِتَكْبِيرٍ أَوْ تَهْلِيلٍ»(٢٤)، وفي حديث جابر رضي الله عنهما قال: «... حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلاً ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى»(٢٥)، وفي حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما: «أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ في عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا: «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ»، وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا(٢٦) ‑وَهُوَ مِنْ مِنًى‑»(٢٧). -والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا. الجزائر في: ١٦ شعبان ١٤٣٠ﻫ الموافق: ٠٧ أوت ٢٠٠٩م
(١) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٣٣٠).
(٢) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية : (٢٦/ ١٣٤).
(٣) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢٠).
(٤) أخرجه البخاري كتاب «الوضوء»، باب إسباغ الوضوء: (١/ ٤٤)، وكتاب «الحج»، باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة: (١/ ٤٠٣)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٤)، رقم: (١٢٨٠)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما.
(٥) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٦) المزدلفة: وهي أرض من الحرم بين جبال دون عرفة إلى مكة وبها المشعر الحرام وهو الجبل الصغير في وسطها، وقيل: إنها سميت بذلك من الازدلاف وهو الاقتراب؛ لأنها بالقرب من مكة أو منًى، ويُسمَّى المكان: جمعًا؛ لأنه يُجْمَع فيها بين المغرب والعشاء. انظر: «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي: (٣/ ١٢٦٥)، «معجم ما استعجم» للبكري: (٤/ ١١٩١). قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑ في «المغني» (٣/ ٤٢١): «وللمزدلفة ثلاثة أسماء مزدلفة وجمع والمشعر الحرام، وحدّها من مأزمي عرفة إلى قرن محسر، وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب». قلت: وللمزدلفة اسم رابع وهو «قزح»، قاله عبد الملك بن حبيب ‑رحمه الله‑. انظر: «معجم ما استعجم» للبكري (٢/ ٣٩٣).
(٧) المحسِّر: واد بين يدي موقف المزدلفة مما يلي منًى، وليس وادي محسر من مزدلفة. انظر «معجم ما استعجم» للبكري: (٤/ ١١٩٠)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي: (٣/ ١٢٣٤)، «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢١، ٤٢٤).
(٨) ثبير: جبل بظاهر مكة على يسار الذاهب إلى مِنًى، وهو من أعظم جبال مكة، عُرف برجل من هذيل اسمه «ثبير» دُفِن فيه، وجملة (أشرق ثبير) فعل أمر من الإشراق أي ادخل في الشروق، ومعناه: لتطلع الشمس حتى تُرى على ثبير. انظر: «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥٣١)، «معجم ما استعجم» للبكري: (١/ ٣٣٦).
(٩) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٥٢٣)، وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب متى يدفع من جمع: (١/ ٤٠٥).
(١٠) ها هنا: يعني المشعر الحرام. انظر «مرقاة المفاتيح» للقاري: (٥/ ٤٨٦).
(١١) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (٥٥٩)، رقم: (١٢١٨)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب الصلاة بجمع: (٢/ ٣٢٨)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(١٢) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب من لم يدرك عرفة: (١٩٥٠)، والنسائي كتاب « مناسك الحج» باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة: (٣٠٤٤)، والترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج: (٨٩١)، وأحمد: (٤/ ١٥)، من حديث عروة بن مضرِّس الطائي رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ٢٤٠)، والدارقطني والحاكم وأبو بكر بن العربي كما في «التلخيص الحبير» لابن حجر: (٢/ ٥٢٠)، والألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٥٩)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (٩٤٠).
(١٣) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الصلاة بجمع: (٢/ ٣٢٧)، والترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف: (٨٨٥)، وأحمد: (١/ ١٥٦)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد»: (٢/ ٣٤٣)، والألباني في «صحيح الجامع»: (٦٩٩٦).
(١٤) أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»: (٤/ ٢٥٤)، والحاكم في «المستدرك»: (١/ ٦٣٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(١٥) أخرجه ابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الموقف بعرفات: (٣٠١٢)، من حديث جابر رضي الله عنه. انظر رواته وطرقه في «البدر المنير» لابن الملقن: (٦/ ٢٣٤)، والحديث صحَّحه ابن عبد البر في «الاستذكار»: (٤/ ٢٧٤)، والألباني في «صحيح الجامع»: (٤٠٠٦).
(١٦) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(١٧) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط: (١/ ٤٠٣)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٢)، رقم: (١٢٨٢)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(١٨) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٤٣).
(١٩) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدم إذا غاب القمر: (١/ ٤٠٤)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٦)، رقم: (١٢٩٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢٠) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدم إذا غاب القمر: (١/ ٤٠٤)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٧)، رقم: (١٢٩٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢١) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٣٢)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار»: (٢/ ٢١٦)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث جوّد إسناده الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٧٥).
(٢٢) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢٤).
(٢٣) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الركوب الارتداف في الحج: (٣٧٣)، من ابن عباس وأسامة بن زيد رضي الله عنهم.
(٢٤) أخرجه أحمد: (١/ ٤١٧)، وابن خزيمة في «صحيحه»: (٤/ ٢٥٠)، والحاكم في «المستدرك»: (١/ ٦٣٢)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ : «مسند أحمد»: (٦/ ٢٨)، وحسّنه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٩٦).
(٢٥) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٢٦) معنى كاف ناقته أي يمنعها من الإسراع حتى دخل محسرًا فلم يمنعها. انظر «شرح مسلم» للنووي: (٩/ ٢٧).
(٢٧) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٢)، رقم: (١٢٨٢)، والنسائي كتاب «مناسك الحج»، باب الأمر بالسكينة في الإفاضة من عرفة: (٥/ ٢٥٨)، وأحمد: (١/ ٢١٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
| |
|
| |
| ملف كامل لفتاوى الحج | |
|